وصلنا من إحدى قارئات "أنا زهرة" هذا السؤال: لدي طفل عمره ستة أعوام، وهو يخاف من كل شيء تقريباً، يخاف من اللعب مع الأولاد الآخرين، يخاف من القطط، يخاف من الصوت العالي للتلفزيون، ويجفل كثيراً إذا اقتربت منه فجأة أو إذا غضب منه والده، رغم أننا لا نستخدم العنف أبداً، لكن أصبح إخوته يسخرون منه ويطلقون عليه لقب "خواف". ما الحل؟ وبماذا تنصحونني؟ أولاً: القارئة العزيزة شكراً لثقتك بنا، ولنوضح في البداية أن الخوف لدى الطفل هو طريقته في حماية نفسه، وهو استجابة فطرية على ما يجهل. ولا بد أن تعرفي أن الخوف المفروض أن يختلف مع اختلاف درجات عمر الطفل. فالطفل من أيامه الأولى وحتى السنة الثالثة يجفل كثيراً، فيحرك رأسه فجأة وإن كان رضيعاً يرفع يديه وقدميه ويبكي. والطفل حين يكبر، ويبدأ فهم من هو الغريب ومن هو القريب ينمو معه الشعور بالخوف من الغرباء، وكذلك يخاف من الظلام لأنه يبدأ في إدراك الوضوح الذي يسببه النور والعموض الذي يسببه الظلام، وهذا طبيعي في سن طفلك. أما الخوف من اللعب مع الأولاد، فربما يكون قدد تعرض للضرب من قبل أولاد آخرين أو الأذى، لذلك من الأفضل دائما بناء علاقة من الصراحة معه، يخبرك معها كل ما يحدث معه في المدرسة والشارع والنادي وأماكن اللعب. ولكن عليك أيضاً منع أشقائه من إلصاق هذه الصفة به، وإقناعه بأنه طفل "خواف"، على العكس حتى لو كان أبنائك الآخرين صغاراً يمكنك عمل اجتماع صغير معهم، توضحين لهم أن أخوهم الصغير بحاجة إلى المساعدة وإلى التشجيع. تقوية العلاقة مع إخوته ووالده تشعره أكثر بالثقة في العالم وبأن لديه من يحميه ويقف بجانبه إذا لزم الأمر. على كل، قد يكون الطفل مصاباً باضطراب نفسي بسيط وهو "الرهاب"، إذا شعرت أن مخاوف طفلك غير عادية وتزيد مع الوقت، ويخترع مخاوف جديدة، وأنها تؤثر بشكل واضح على علاقته بالمحيط والأولاد والدراسة واللعب والإخوة، هنا لا بد أن تأخذي ابنك إلى عيادة متخصصة بالاضطرابات النفسية للأطفال. ومن أكثر أنواع الرُهاب والقلق انتشارا عند الأطفال، هو قلق الانفصال؛ بمعنى أنّ الطفل يخشى أن يفترق عن عائلته، خاصةً عن والدته أو البعد عن منزله. مثل هذا الطفل لا يستطيع الابتعاد عن والدته، وحتى عندما يلهو ويلعب مع أقرانه فإنه يفعل ذلك ولكن دون أن تغيب والدته عن ناظره.. يلهو ويعبث ولكن في فلك والدته. هذا الطفل الذي يُعاني من قلق الانفصال يواجه صعوبةً كبيرة، مثلاً عند بدء الدراسة والتحاقه بالمدرسة، فإنه يرفض أن يذهب إلى المدرسة ويختلق أعذاراً كثيرة كي لا يذهب إلى المدرسة.. يدّعي المرض ويبكي بشدة وأحياناً بصورةٍ هستيرية لكي لا يُغادر المنزل، وما إن يوافق أهله على بقائه في المنزل ولا يذهب إلى المدرسة تختفي جميع الأعراض المرضية ويُصبح طبيعيا. مثل هذا الطفل قد يحتاج إلى أن يُعالج لهذه الحالة المرضية بمساعدة طبيب نفسي أو اختصاصي نفسي، ومن الأفضل إذا كان شخصا متخصصا في الحالات النفسية عند الأطفال. ومن أهم العلاجات المُفيدة في علاج مثل هذه الحالات هو العلاج السلوكي الخاص بالأطفال، الذي يؤدي إلى تحسّن ملحوظ في معظم الحالات.