تتمنى العديد من النساء العاملات لو أن ظروفهم المادية تسمح لهن بالتخلي عن أعباء الوظيفة والتفرغ للبيت والعائلة، فالاستغناء عن الوظيفة يعني لهن الحصول على عدد ساعات نوم أكثر، وقت كافِ للعناية بشؤون المنزل والأولاد بالإضافة إلى العناية بأنفسهن، فرصة للقيام بتسوق مريح وتواصل مع الأصدقاء ووقت ممتع قي مشاهدة التلفاز أو ممارسة أي هواية محببة، قدرة على التفنن في طبخ الأكلات وصنع الحلويات... على عكس واقع المرأة العاملة المجبرة على أن تمضي ساعات طوبلة في عملها ومن ثم تعود للبيت منهكة وعليها إتقان دورها كزوجة وأم في تلك الساعات المتبقية من اليوم والنتيجة إرهاق وشعور شبه دائم بالضغط، بينما وقت ربة المنزل ملكها ويالها من محظوظة.... هذا ماتفكر به فئة كبيرة من النساء العاملات ولكن الواقع ليس كذاك دائماً بالنسبة لربة البيت، فقد تكون ساعات النهار الطويلة التي تتمناها المرأة العاملة عبئاً ثقيلاً على ربة المنزل ودعونا نتحدث عن الموضوع بقليلٍ من الإسهاب مع تقديم بعض النصائح لحسن استغلال الوقت: في الحقيقة إن الفراغ سلاح ذو حدين، فهو نعمة بلا أدنى شك إن تمكنت ربة المنزل من استثماره بما ينفعها، ولكنها قد تحوله إلى نقمة إن أساءت استغلاله. إن كان قضاء الوقت في المنزل يعني معاشرة الجدران والانطوائية فهذا بلا شك يؤثر سلباً على شخصية المرأة. فعدم الاختلاط بالناس يؤدي إلى فقدان المهارات الاجتماعية تدريجياً. فتفقد المرأة ثقتها بنفسها وتصبح أكثر ميلاً للانطوائية والابتعاد عن الاجتماعات كما قد تفقد حرصها على مظهرها حيث لا يوجد حافز لديها للأناقة والتجديد مقارنةً بالمرأة الاجتماعية التي تلتقي بقريباتها وصديقاتها. لا تستسلمي للجمود والانعزال يازهرتنا واحرصي على تكوين حياة اجتماعية ملائمة لشخصيتك ولظروفك فالإلفة مع الشخصيات الودودة والملهمة والإيجابية له أثر بالغ النفع على نفسيتك ومعنوياتك خلافاً لمعاشرة الشخصيات السلبية والنمامة والمحبطة فهؤلاء ابتعدي عنهم ولا تنخرطي في أجواءهم كي لا تنتقل إليكِ عدوى السلبية. وإن كانت ظروفك لا تسمح لك بالاختلاط كالتواجد في غربة فحاولي ملء وقتك بأمور مفيدة ولا تنعزلي عن المتطورات حولكِ. فوسائل التواصل الحديثة ومواقع الانترنت الهادفة (وليس الهابطة) تنقل إليكِ معلومات وافرة وتجعل منك شخصية مثقفة ملمّة بما يجري حولها وحتى خبيرة في الأناقة وأنتِ جالسة في بيتك. واحرصي على الانخراط بنشاطات اجتماعية في البلد الذي تتواجدين فيه ولا تستلمي للانعزال فالوحدة يازهرتنا تسبب الاحباط والضجر والاكتئاب. النقطة السلبية الثانية التي قد تعاني منها ربة المنزل هي إطلاق العنان للأفكار السلبية والتفكير في تفاصيل غير مهمة بسبب وجود وقت فراغ يعبث بعقلها فتصبح ميالةً للتدقيق بمواقف الناس والاسترسال مع القلق والأفكار المحبطة وهذا يعد خطراً كبيراً على نقسيتها إن لم تتدارك نفسها وتتعود على ملئ وقتها بشكل إيجابي وتنشغل عن التفكير اذي لا طائل منه بما هو أنفع وأهم وأكثر فائدة لها. كما قد تصبح ربة المنزل للأسف أكثر فضولاً لمعرفة أخبار الناس لكي تملأ أوقات فراغها الطويلة فتنحدر شخصيتها تدريجياً لتصبح شخصية فضولية كثيرة التحدث بما يضر ولا ينفع. ولو أنها استغلت وقت فراغها بالانشغال بتطوير شخصيتها وممارسة هوايات مفيدة لما وجدت لديها رغبة في الثرثرة الفارغة وماتجلبه من مشاكل بين النساء. وقد لا تشعر بنفسها أنها أصبحت نمامة والعياذ بالله. نعوذ بالله من كل مايؤدي إلى سخطه. كما قد تحصر ربة المنزل نفسها في إطار الطبخ والأعمال المنزلية دون الاهتمام بنواحي أخرى في شخصيتها فتفتقر بذلك إلى غنى الشخصية المهم للتوافق الفكري مع الزوج والأبناء. تحتاج الأسرة المتوازنة إلى أم حنون معطاءة وبالإضافة لذلك صاحبة شخصية متزنة وفكر سديد يساهم في تقويم شخصية الأبناء والتقارب الفكري معهم بالإضافة إلى الاندماج الإيجابي مع الزوج. لذلك يجب على كل ربة منزل أن تحرص على تطورها الفكري سواء بالقراءة أو بالانضمام إلى دورات تنفعها وتزيدها معرفة في أي مجال تحتاجه. من ناحية أخرى، قد تعاني ربة المنزل من ضيق الوقت لإنجاز المهام العاتقة عليها على عكس المتوقع منها وذلك لعدم ترتيب أولوياتها وعدم قدرتها على تنظيم الوقت وضبط إيقاع حياتها، فالملل والكسل وعدم المبادرة يضعف لديها الحافز في الإنجاز فتغرق في الفوضى وتسويف المهام والنتيجة منزل فوضوي وحياة فوضوية ووقت ضائع في لا شيء... ننصج كل ربة منزل تعاني من هذه المشكلة بوقفة مع نفسها لتحديد أسباب المشكلة. فقد يكون هناك سبب غير مباشر أدى بها إلى الإحباط وعدم الرغبة في الإنجاز كتوتر العلاقة مع الزوج أو تفاقم حالة الضجر وعدم وجود مجال للترفيه مما أدى إلى تكون شخصية سلبية حزينة غير مبادرة. لا تستلمي للفوضى والاحباط يازهرتنا واسعي لتحسين وضعك بإيجاد حلول مناسبة ولاتقفي صامتةً أمام حياتك الفوضوية المُهملة. اعلمي يازهرتنا أن أوقات الفراغ نعمة كبيرة إن أحسنتِ استخدامها لتطوير شخصيتك وممارسة هواياتك والاهتمام بنفسك وأسرتك. هيا استغلي تلك النعمة ولا تستلمي للكسل وقضاء الوقت تائهة بلا هدف محاطة بجدران منزلك.فالحواجز بينك وبين الحياة السعيدة الهادفة ليست بسبب جدران المنزل بل بسبب الجدار النفسي الذي بنيتهِ أنتِ دون قصد بعدم إصرارك على تنويع حياتك مهما كانت الظروف. أنتِ المسؤولة عن طريقة حياتك يازهرتنا فاستعيني بالله واحرصي على إدارتها بشكل ناجح يجعل منك ربة منزل سعيدة وملهمة.