عُثر مؤخراً على جثة طفل حديث الولادة داخل حمام أحد المستشفيات المصرية في محافظة البحر الأحمر، الأمر الذي يعيد إلى الانتباه الواقع المؤلم لعشرات الأطفال اللقطاء الذين يُعثر عليهم يومياً. وهؤلاء يلقي بهم أهلهم أمام أبواب المساجد أو الملاجئ أو بجوار مقالب القمامة، كنتيجة لانتشار الزواج العرفي والعلاقات غير الشرعية. عند العثور على طفل "مجهول النسب"، يُسلّم عادة إلى أقرب قسم شرطة ليُكتب محضر بالحالة، قبل أن يودَع إحدى دور الإيواء. وإذا كانت حالته الصحية غير مستقرة، يُنقل إلى أقرب مستشفى. وفور شفائه وانتهاء الرعاية الطبية، يُنقل إلى دار إيواء. هناك، يتسلّمه متخصص اجتماعي وممرّضة، ويُطلق عليه اسم عشوائي، ما عدا اسم محمد. وعند استخراج شهادة الميلاد، يختار مسؤول مكتب الصحة الاسم الرباعي للطفل من دون أن يُكتب في الشهادة، وهو ما يشير إلى أنه مجهول النسب. أما محلّ الميلاد، فيُحدّد بالمنطقة التي عُثر عليه فيها. إلى ذلك، وبمجرد وصول الطفل الرضيع إلى الدار الإيواء يخصَّص له سرير لمدة عامين، تعلّق أعلاه ورقة تتضمّن بياناته. أما إذا وصل الطفل بعد فترة طويلة من ولادته، يتمّ "تسنينه" عبر وضع تاريخ ميلاد تقريبي له حتى يحصل على جميع اللقاحات في موعدها. يُذكر أنه في حال عُثر على الطفل في إحدى القرى، فإنه يُسلّم إلى العمدة أو شيخ البلد الذي يسلّمه إلى جهة الشرطة التابع لها. وبهدف التصدي لهذه الظاهرة، تعالت أصوات تدعو إلى اللجوء إلى "البصمة الوراثية" للتعرّف على الأب والأم وتحميلهما مسؤولية الإنجاب غير الشرعي. وهو أمر يتطلب تشريع البرلمان إنشاء "بنك قومي للبصمة الوراثية" وتقنين استعمال تحليل الحامض النووي لإثبات النسب، من أجل ردع عملية الإنجاب خارج الزواج الشرعي. هكذا، بعد إثبات النسب بناء على نتائج تحليل الحمض النووي، يُحمّل الأب والأم مسؤولية رعاية الطفل.   ويُعدّ الأطفال اللقطاء مجهولو النسب في مصر قنبلة اجتماعية قابلة للانفجار في أي لحظة، خصوصاً وأن تعدادهم يقترب من مليونَي طفل، وفقاً لإحصاءات المجلس القومي للطفولة والأمومة. وهم يتوزّعون على مراكز عمومية تعاني من ضعف الدعم المادي. يُذكر أن كثيرين من هؤلاء المولودين حديثاً والذين يُلقَون على جوانب الطريق، تنهش الكلاب والقطط أجسادهم الطرية، في حين أن بعضهم يُقتل ويُدفن حتى لا تكتشف الجريمة.   ولكن دور الإيواء التي تتوزّع في المحافظات كافة، وعددها 32 داراً، تعاني من قلة الموارد المالية، ولا تتعدى ميزانيتها مليون جنيه مصري (نحو 128 ألف دولار أميركي) في العام، تخصّص للتجهيز والمأكل والملبس والعلاج، بواقع نحو 30 ألف جنيه (نحو 3900 دولار) لكل دار.   تجدر الإشارة إلى أن الدار تعتمد بشكل أساسي على التبرعات. ونظراً لقلة التمويل، لجأت إلى مربيات من الخارج براتب شهري ضئيل. وهنا، خلف البوابة الحديدة التي تحمل لافتة "دار الإيواء"، وحيث يخيّم صمت مريب، يتعرّض الأطفال بأكثرهم إلى أمراض مختلفة قد تودي بهم إلى الوفاة. وثمّة مشاكل أخرى، لا سيّما بيعهم إلى أسر حُرمت من الإنجاب، بعيداً عن الشروط التي وضعتها وزارة الصحة من قبل.   وعن الشروط اللازمة للتعامل مع الأسر البديلة، على الراغبين التوجّه إلى هيئة الشؤون الاجتماعية في المنطقة التي تقع فيها الدار، ليتأكّد المعنيّون من راتب ربّ المنزل ومن أن العائلة تملك مسكناً، بالإضافة إلى أوراق تثبت عدم القدرة على الإنجاب. ويُشترط أن يكون قد مرّ على عقد الزواج أقلّ من خمس سنوات، وألا يقل سن المتزوّجين عن 25 عاماً للزوجة و30 عاماً للزوج.