ماذا قالت الشيخة منال بنت محمد بن راشد آل مكتوم رئيس مؤسسة "دبي للمرأة" لوالدها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، في الذكرى العاشرة لتوليه الحكم؟ هذا ما نعرضه لكم في التالي: "عشر سنوات تمر اليوم على تولي الوالد والقائد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، الحكم وتشكيل الحكومة… سنوات شهدت إنجازات نوعية عديدة حققتها المرأة نتيجة للثقة الكبيرة التي أولاها إياها سموه وما وفره لها من أسباب التميز، وما وجه به من إفساح المجال لها في المقدمة لخدمة وطنها والمساهمة بدور فعال في ترسيخ مكانته بين أكثر دول العالم تقدماً وتحضراً وقدرة على الإنجاز والتميز. فالتميز والنجاح هما العنوان العريض الذي اختاره محمد بن راشد لمدرسته التي أتشرف بأن أكون ممن تربوا فيها ونشأوا على منهجها وتشربوا من مبادئها وأصولها… وربما تكون كلمة “الفخر” أقل الكلمات التي يمكن أن يصف بها من تربى في هذه المدرسة شعوره مع كل عام يمر عليه وهو يحمل نجاحاً جديداً أو إنجازاً مميزاً. فمن غير المستغرب أن يكون الشغل الشاغل للقائد والوالد محمد بن راشد هو كيفية تحقيق سبل التميز لشعبه ووطنه وحكومته... فقد تربى سموه في مدرسة المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم الذي غرس في نفسه روح الريادة والقيادة والإقدام على تحدي الصعاب بل وتحويلها إلى نجاحات... ومن ثم كان حرص سموه على تمرير الروح ذاتها إلى أبنائه وبناته وجميع أفراد شعبه ليجعل منهم مواطنين قادرين على العطاء بدون حدود. ودعوني أحدثكم قليلاً عن هذه المدرسة الفريدة التي اعتبر نفسي محظوظة بانتمائي إليها وأشارككم ملامح منها لاسيما في أسلوب التنشئة الذي تربينا عليه والذي يعكس إيمان سموه بأن التنشئة الصحيحة بدايتها الأسرة. فقد ألزمني الوالد في صغري بنظام يومي لتدريبات ركوب الخيل عقب العودة من المدرسة، وكنت وأنا في سن مبكرة أتذمر أحياناً من هذا الالتزام اليومي لرغبتي في مصاحبة رفيقاتي إلى اللعب عقب انتهاء اليوم الدراسي. ولم أكن أدرك حينها أن الأمر يتعدى تدريبات الخيل إلى شأن أكبر وهو ترسيخ قيم الالتزام والإصرار على تحقيق الهدف واتباع نهج واضح وبرنامج منظم ومحدد الخطوات في الوصول إليه بما قد يوجبه ذلك من دأب ومثابرة وربما تضحيات. ومع مرور السنين، بدأت ملامح الصورة تتبلور وبدأت أدرك الرسالة من وراء هذا الالتزام، وعرفت أن ما يفعله الوالد محمد بن راشد يتعدى مجرد التربية إلى مستوى استراتيجي آخر وهو إعداد قادة قادرين على تحمل المسؤولية وريادة عملية التطوير التي لطالما كانت في مقدمة اهتماماته. ويمكن للمتابع أن يلحظ بسهولة أن المرأة كانت دائماً حاضرة في قلب هذه العملية، وأقصد هنا “التطوير” انطلاقاً من إيمان القائد محمد بن راشد أن المرأة هي نصف المجتمع، وأن الطاقة الإيجابية الخلاقة والمبدعة لم تكن يوماً حكراً على الرجل... فعمل سموه على تمكينها ومنحها من الاهتمام والتشجيع والمساندة ما أعانها على تحقيق ذاتها وإثبات جدارتها بريادة العمل في مختلف القطاعات. وأعود إلى تجربتي في مدرسة محمد بن راشد، ولكن هذه المرة في مرحلة لاحقة من حياتي، وتحديداً خلال 2003 عندما دعاني الوالد وشرفني برئاسة “نادي دبي للسيدات” ومنحني ثقته وكلفني بتطوير النادي والخروج به إلى مستوى أفضل لأن سموه أراد أن تكون للمرأة مساحة توفر لها الخصوصية وتمنحها الفرصة لتحسين نوعية حياتها خاصة على المستويين الرياضي والثقافي... ومع الاهتداء بما تعلمته في مدرسة محمد بن راشد، تمكنا بحمد الله وتوفيقه من تقديم إضافة نوعية لخدمة المرأة في دولتنا من خلال النادي. إلا أن طموحات محمد بن راشد للمرأة كانت دائماً في ازدياد ورؤيته لدورها تتخطى ما هو ممكن إلى ما هو مثالي، إذ تشرفت أن أكون من بين المساهمين في تحقيق هذه الرؤية وأن أشارك في ترجمة بعض ملامحها إلى واقع يعكس الآمال التي يعقدها محمد بن راشد على المرأة الإماراتية بل والعربية أيضاً. ففي العام 2006، زارني صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد في "نادي دبي للسيدات" وشاهد ما تمكّنا من تحقيقه في سنوات ثلاث، ليسعدني بتكليف جديد يخدم المرأة على نطاق أوسع ويمنحها المزيد من مقومات التميز ويكفل الدعم والمساندة بأسلوب منهجي منظم، إذ كلفني سموه بتأسيس “مؤسسة دبي للمرأة” التي استلهمت رسالتها ومنهجها في العمل من رؤية محمد بن راشد لمستقبل المرأة في منطقتنا والذي رأى فيه مساحات رحبة للتطوير وقد كان. ولم تخفت يوماً قناعة القائد الوالد بقدرة المرأة على المشاركة الإيجابية في ترسيخ مقومات رفعة الوطن، وتطلعات سموه لمنحها أدواراً أكبر وأهم، وكانت تلك القناعة وراء توجيهات سموه في منتصف العام 2015 بتأسيس “مجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين” الذي شرفني كذلك بتكليفي برئاسته، ووجه سموه بالعمل من خلاله على تقليص الفجوة بين الجنسين في العمل في قطاعات الدولة وتحقيق التوازن بين الجنسين في مراكز صنع القرار تعزيزاً لمكانة الإمارات كمرجع رئيس في هذا المجال. ومن خلال هذه الرحلة، استطيع أن أؤكد أن ما حققته المرأة في دولتنا من إنجازات مشهودة خلال السنوات العشر الماضية بتوجيهات ودعم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، تصنع مشهداً تنموياً من طراز رفيع، يضعنا أمام مسؤولية كبيرة لمواصلة الاجتهاد في مواكبة هذه الرؤية الطموحة لنصل إلى ما ينشده سموه للمرأة في دولتنا من مكانة رفيعة تثبت للعالم قدرة المرأة على القيام بواجبها تجاه وطنها وشعبها على النحو الأمثل، إذ نعاهد سموه في هذا اليوم على الاستمرار في درب التطوير الذي رسم ملامحه بحكمة وحدد مقاصده بدقة لتكون دولتنا دائماً في مصاف الدول الأكثر تحضراً وازدهاراً ويكون شعبنا بين أرقى الشعوب وأعلاها قدراً وأكثرها إنجازاً وتميزاً ورفعاً”.