تزامناً مع حملة "لا تخفي تعنيفك" التي نطلقها من خلال مجلة "زهرة الخليج"، ها نحن اليوم نعرض عليكم حكاية سيدة اماراتية استطاعت التخلص من معاناتها بفضل القضاء العادل. كنت شابة مملوءة بالسعادة، متفوقة وطموحة. في الجامعة، كنت الأولى على دفعتي، فاستحقيت منحة لدراسة الماجستير في الخارج، إلا أنّ حلمي تبدد بعدما تقدم لي ابن عمي. ولأنّ عائلتينا كانتا متخاصمتين بسبب أراض وأملاك، كان عليّ أن أضحّي بمستقبلي وطموحي من أجل أن تتصالح العائلتان. لم يكن لديّ الحق في القبول أو الرفض كوني الفتاة المطيعة لأهلها. كان زوجي قبيحاً بشكل لا يطاق، إلا أنني كنت أقول في نفسي إنّ الجمال غير مهم. عندما كنت أستيقظ ليلاً وهو نائم أمامي، فأنتفض خوفاً منه. بالإضافة إلى تصرفاته غير السوية، كان أميّاً، وكنت أشعر بالذل والمهانة معه. فتاة مثقفة مثلي كان يجب أن تحصل على رجل يستوعب طموحاتها ويشاركها أحلامها، وليس زوجاً لا يعرف من الزواج سوى ما يحدث بين الأزواج ليلاً. بعد أشهر على زواجي، حملت وأصبت بإحباط شديد، وزاد احباطي، حين اطلعت على وثائق من مصح نفسي تثبت بأنّ زوجي مختل وغير سوي، مما جعلني أجد تفسيراً لتصرفاته المجنونة معي. بكيت قهراً وقتها، وقصدت منزل أهلي أريد الطلاق، لكنهم للأسف أرجعوني إليه. ولدت ابنتي الاولى، ثم حملت بالطفل الثاني بالرغم من كل احتياطاتي كي لا يحصل ذلك. كان كرهي له يزداد. لم أكن أشعر بأي حب أو حتى شفقة تجاهه. فرحت حين أخبروني بأنّي طفلي القادم هو ولد. كنت أريد رجلاً يسند ضعفي. وهذا الرجل كنت أريده أن يكون ابني. كنت أتخيّله وهو يقف في وجه أبيه، ممسكاً بيديه مانعاً اياه من ضربي. أتخيله وهو يقبل رأسي ويضمني إلى صدره، كنت أحلم باليوم الذي سيناديني فيه بـ"ماما". مرت الأيام ولكن ابني لم يكبر، عمره سنة ونصف السنة وحجمه كطفل مولود للتو. أخبرني الأطباء بأن ابني وسندي يعاني من مرض وراثي ينتج عنه تشوه في الرئة وقصور في النمو. وللأسف هذا المرض لا يمكن الكشف عنه الا بعد أن يصبح عمر المولود 6 أشهر. سافرت إلى الخارج بحثاً عن علاج. لا أحد كان يدرك حجم تعبي وقهري. كنت فتاة وحيدة في بلد غريب مع ابن مريض وابنة، وزوج مخبول، من دون معين ولا سند إلا سفارة بلادي. ساعدوني في الحصول على منزل قريب من المستشفى، وتدبر شؤون المأكل والانتقال، بينما زوجي كان جالساً في المستشفى يشاهد التلفزيون، فهناك كان المكان الأكثر أماناً له كما يعتقد. اتصلت بي الممرضة ليلاً لتخبرني بأنّ نبض ابني يتراجع وبأن هناك فقط 9 ساعات له للحياة، وعليّ أن أذهب إلى المستشفى. شيء ما أخبرني بأنّي سأخسر ابني في ذلك اليوم. قضى ابني آخر ليلة له بين ذراعي. بكيت بحرقة وأنا أقبّله مودعة، بينما كان هو يرمقني بابتسامة. نامت عينا ابني ونامت معهما الحياة. بعد ساعتين فقط من موته، كان زوجي يركلني، ويجرّني بعنف، طالباً مني أن أقصد البنك من أجل سحب كل الأموال التي كنا نستخدمها لمعالجة ابني. جرني وأدخلني إلى سيارة الاجرة عنوة. ظلّ هو في المستشفى. كان صاحب الصرافة ينظر اليّ بشفقة وهو يسلّمني المبلغ. ذهبت من دون أن أدرك بأني لا أرتدي حجابي. وبينما كنت ألقي نظرات الوداع الأخير على ابني، كان زوجي يردد "ها سحبت الفلوس، بنرد للمجابيس اليوم!". كيف لمخبول أن يدرك بأنّ ابنه قد مات قبل ساعات؟ حين عدت، كنت قد خسرت أغلى ما أملك ولم يعد هناك ما أخسره بعد، فعقدت العزم على الانفصال، وقصدت المحكمة طالبة الخلع. لم يكن معي وقتها إلا الله، فأهلي قاطعوني وغضبوا مني، طلقني القاضي من الجلسة الثانية. وبعد 5 سنوات من المعاناة، أصبحت حرة، كسبت حضانة ابنتي التي عاهدت ربي أن لا أسمح لنفسي بسلبها حياتها كما فعلوا معي.