الزواج نعمة ربانية قائم على الحب والاحترام والمشاركة ولا يختلف اثنان على ذلك، لكن بعض شركاء الحياة اليوم إن تحمل عنهم الطرف الأول مسؤولية معينة - هي في الأصل من مسؤوليات الطرف الثاني- تجد أن الطرف الثاني (سواء الزوج أو الزوجة) اعتبر ذلك التحمل فرضا ولزاما على الطرف الأول، وإن قصر الطرف الأول يوما أو اشتكى أو توجع تشتعل نيران الخلافات بالبيت، وقد نسي هذا الطرف الثاني أو تناسى أن تلك المسؤولية التي حملها عنه الطرف الأول هي أصلا من مسؤولياته وليست فرضا على الأول. وبدلا من أن يشكره أو يشكرها يعتبر ذلك من الفروض التي يجب القيام بها بلا شكر ولا احسان ولا اعتراف مما يتسبب في خنق الحياة الزوجية وخلق احساس بالبغض والنفور قد ينتهي بهما للانفصال. ومن تلك الأمثلة على ما ذكرنا قيام الزوجة بمساعدة زوجها ماديا بالبيت تقول صاحبة المسألة: تزوجت وأنا أعمل برضا واقتناع منه مما شجعني على أن أقبل التعاون والمشاركة معه بالبداية بتحمل خصوصياتي فقط، فلا أطلب منه ثمن عباءة لي أو حقيبة نسائية أو ما شابهها من خصوصيات المرأة لكن بعد مرور عام من زواجنا بدأ يلح على زوجي بأن أتناصف معه شراء أغراض البيت من مأكل ومشرب، ومن تربيتي وحرصي على بقاء الأسرة تنازلت وقبلت رغم أن راتبه أصبح ثلاث أضعاف راتبي، ثم فوجئت بعدها بأربعة أشهر ألح على زوجي بشيء جديد حيث طلب مني أن أدفع نصف الإيجار ثم نصف فواتير الكهرباء والمياه ثم النصف في كل شيء لدرجة أن يجبرني أن أتناصف معه هدايا والديه وإخوته وكافة المناسبات وكلما قبلت وتحملت ما يريده وتنازلت زاد على ضغطا . وبيوم من الأيام رفضت أن أدفع نصف ثمن زياراته لأهله فقام وأهانني وسبني وهجر البيت أسبوعا كاملا كنوع من الضغط علي. وهكذا يعاقبني عندما أعبر عن رأيي في كل مرة ويقول لي دوما : أنا أسمح لك بالعمل فراتبك كله من حقي، رغم أن راتبه اليوم صار 5 أضعاف راتبي ، يسافر ويأتي بشنط الهدايا لأهله ولا يذكرني بشيء ولا يسمعني كلمة الشكر. دوما يكسرني دوما يهددني دوما يشعرني أنني أنانية وأحب المال، وأنا والله يا سيدي منذ 9 سنوات بالعمل ومع ذلك لا أملك خاتما ولا أسورة لأن كل ما أستلمه أنفقه على أبنائي وهو يعرف أني أخشى الطلاق ولا أريد خراب البيت، هذا بالإضافة إلى بخله بالمشاعر والعلاقة الزوجية الخاصة. وحتى كافة مسؤوليات الأولاد من زيارات للمستشفى أو رعاية دراسية أو تربوية لا يقوم بها غيري رغم أنها من مسؤولياته، إنه يعتبر مساعدتي له اليوم فرضا والزاما وإن اشتكيت أو ما دفعت هددني بكل أنواع التهديد النفسي ولا أدري من منا على صواب هو أم أنا؟ وما الحل لمشكلتي؟ الجواب أختي الكريمة جزيت خير الجزاء على عطائك وتحملك وتفانيك من أجل بقاء تلك الأسرة. لكني اعتبرك جزءا من المشكلة لأنك عودتي الطرف الثاني على تنازلات أكثر من اللازم، في الوقت الذي لا يعترف لك بأي عطاء وكلما زدت عطاء ومساعدة زاد جفاء ومقاومة هذه الطريقة تفقد الحياة الزوجية توازنها، فكان الأفضل من البداية ألا تتحملي مسؤوليات هي من اختصاصه مثل متابعة تربية الأبناء والذهاب بهم للأطباء والمتابعة الدراسية، فطالما أنه يريد المشاركة المادية فلماذا يتقاعس عن المشاركة المعنوية التربوية ولماذا يبخل عليك بمشاعره؟ إن الحياة الزوجية السليمة هي التي يوضع لها الاتفاق والشرط من البداية ..فنحدد كزوجين من حجم المشاركة التي سأقدمها كزوجة ونتفق أن ذلك ليس فرضا إنما فضلا وعونا من منطلق الحب والاحترام للحياة الزوجية، وليس لأني أنا الرجل وكل مالك ملك لي فالزوجة العاملة تبذل مجهودا مضاعفا حيث تهتم بالبيت والعمل وبالأبناء والزوج ، أمن العدل أنها بعد أن تفني نفسها في كل تلك المسؤوليات أهددها وأستغلها ماديا؟ لذلك أنصحك بالتوجه بزوجك لمتخصص أسري شرعي ليفهم الزوج ما له وما عليه شرعا لأن المقاييس مغلوطة عنده وتحتاج لبيان ونصح وتوجيه . إن ما تفعليه وتقدميه كما ذكرت من مساعدة وتعاون وتحمل لمسؤوليات غيرك هو فضل منك وليس فرضا هو حب منك وليس جبرا هو عطاء بلا حدود .. وإن لم يقدر شريك الحياة ذلك فلا يتوقع أن تستمر تلك الحياة وقد خيم عليها الظلم والاستغلال من طرف على حساب طرف.