إنها حالة فريدة من أرقى حالات التعاطف والتكاتف الاجتماعي، تعطى المرأة فيها قيمة أخرى وتعتبر المطلقة خارجة من تجربة قاسية فيتم احتضانها بفرح من قبل عائلتها، لكي لا تشعر بالسوء من عودتها لذويها ومراعاة لمشاعرها. يحتفي المجتمع الصحراوي بجنوب المغرب بالمرأة المطلقة بل ويفضلها. ويتم الاحتفال بالمرأة المطلقة في المجتمع الصحراوي وكأنه زواج، فيتم الإتيان بالمغنيين ورسم الحناء وقد تصل إلى عمل دعوات لحضور الطلاق و"زفة" و"زغاريد" و"ولائم" وهدايا وغناء وكافة الطقوس الأخرى الخاصة بالزواج. بل إن مهر المرأة المطلقة الثاني عند زواجها يكون أكثر من مهرها الأول، لأنها مطلوبة أكثر من التي لم يسبق لها الزواج، وأرجعت ذلك لتوفر الزوجة على تجربة في الحياة وأنها تكون أكثر قدرة على فهمها والتعامل مع الأمور، كما أنها تكون كسبت مالا من طلاقها بخلاف السكن أو الأثاث، على حد علمها. السيدة أمينة واجو "ربة منزل" أن المنطقة الجنوبية في المغرب تعد استثناء إيجابيا، مشيرة إلى أنها رصدت هذه الظاهرة عندما كانت في مدينة العيون في الجنوب، وسببها أن الرجل يتزوج المرأة المطلقة ولسان حاله يقول "أنا أرجل من ذلك الذي طلقها". وتضيف أمينة واجو أن احتفال المطلقة بأبغض الحلال عند الله يعد تعبيرا من أهلها بفرحتهم بقدومها، ولإشعارها بأنها لازالت على الرحب والسعة، مشيرة إلى أن هذا التصرف المتحضر يراعي الحالة النفسية للمطلقة في وقت تكون فيه أحوج من ذي قبل بالإحساس بالرغبة فيها. الطلاق في المجتمع الصحراوي المغربي لا يلحق الضرر بالمطلقة، مشيرا إلى أن من عادات هذا المجتمع أن المرأة يوم طلاقها يتم استقبالها بالطبول في بيت أهلها، حيث يضرب الطبل وتنحر الناقة، وهو ليس يوم شؤم أو بكاء، بل "تبرز" المرأة، أي تلبس لباسا جديدا ويأتي المغنون والفنانون والطبالون حولها، ويقصد من ذلك الإشهار لمن أراد أن يتقدم للزواج منها بعد انقضاء مدة عدتها. من ضمن الأسباب التي تسهل عملية زواج المطلقة أكثر من التي لم يسبق لها الزواج أنه يمكن للرجل ان يلتقي بها، نظرا لأنه مسموح لها بالخروج والتنقل بين الخيمات الأخرى، والخروج مع صديقاتها لقراءة الشعر النسائي والذي يسمى "التبراع" أو شعر تغزل المرأة في الرجل واسمه "البشتون"، بينما الفتيات البكر تبقى داخل الخيمة ولا تخرج إلا مع أمها. والمرأة في المغرب وخاصة في الصحراء في جنوب المغرب وموريتانيا تتلقى منذ الصغر تربية خاصة وعناية خاصة بجسدها، حيث يتم تغذيتها بشكل خاص في عملية يطلق عليها "لبلوح" من البلح، حيث يتم منحها مقادير من الغذاء من اللبن والتمر بشكل مضاعف عن الرجل لأنه ووفقا لثقافة تلك المنطقة كلما كانت بدينة كلما كان ذلك دليل على مكانة أهلها وكلما كانت مقبولة اجتماعيا بعكس النحيفة التي لا مكان لها في هذا المجتمع. وعندما تبلغ سن الزواج كانت تشترط شرطا يطلقون عليه في الصحراء "لا سابقة ولا لاحقة" بمعنى أنها لا تتزوج من رجل متزوج قبلها ولا يأتي بامرأة عليها وإلا شرطها أن تخرج من بيت الزوجية إن فعل.