"لا أستحق المجد بعد. لست بطلاً، فأنا لم أقدّم شيئاً. ما زالت روحي تتوق إلى القتال. جروحي عثرة حالت دون إكمال ما بدأته، لكنها حتما لن تثنيني عن الالتحاق بإخواني الجنود في اليمن". كان الحماس يملأ الملازم أول سيف الكعبي (26 سنة) من دبي، بالرغم من جروحه ووجود كسر في رجله اليسرى جراء هجوم شنّه المتمردون الحوثيون على قوات التحالف العربي، مما أدى إلى استشهاد 45 إماراتياً. ويضيف سيف: "دولتي الحبيبة قدمت لي الكثير طوال 26 عاماً من عمري، ولم تبخل عليّ قط. روحـي من أجل أمنها تصبح رخيصة". وأعرب عن رغبته في العودة إلى ميادين الشرف والعزة لنصرة الحق ودعم الأشقاء في اليمن والذود عن الوطن والمنطقة، مجدداً العهد والانتماء والولاء لوطنه الغالي. والد سيف عسكري أيضاً. بعد الحديث معه، لا كلمة تصف ما قاله سوى إنّ "هذا الشبل من ذاك الأسد". يقول: "الشيوخ عز وفخر، وأوامرهم هي سمع وطاعة. سنلبّي النداء بكل حب. كنت في حديث مع أحدهم بالأمس، وقلنا وقتها بأنّ الأم تربّي ابنها ليكون صورة برّاقة عن تربيتها، وكل عسكري يتربّى من أجل نيل التاج، وتاج العسكري هو الشهادة. فهنيئاً للأمهات اللواتي نال أبناؤهن التاج. ما أود قوله لأهالي الشهداء بأنّ أبناءكم سبقونا إلى الشهادة، وهذا الأمر الذي نطمح إليه نحن العسكريين منذ زمن طويل. ما زال لديّ ابن، وهناك أهالي فقدوا أبناءهم. ألم الفقد موجع، لكن والله لو نادى ولاة الامر، فإني مستعد لتقديم ابني مجدداً ومعه نفسي لأهبها فداءً لأمن الأمة العربية". "أخبرتني أخته بأنه أصيب في اليمن. دعيت أن لا تكون إصابته خطيرة وقلت يا الله لقد دعيتك حين ذهب أن ترجعه إليّ سالماً، فأجب دعائي يا ربي". هكذا كانت أم سيف تسترجع اللحظة التي أخبرت بها بأنّ ابنها قد أصيب، مسترسلة في حديثها، قائلةً: "حين شاهدته، لم أستطع تمالك نفسي. انهمرت دموعي. وبدلاً من التخفيف عنه، خفّف هو عنّي. جلست أفكر حينها ماذا لو كان ابني من الشهداء؟ هل كنت سأفرح أم سأحزن؟ هو أمر مؤلم لكنه جميل. لذلك أقول لأمهات الشهداء: لا تحزنّ، سيجمعكن الله بأبنائكن في الجنة". وأضافت: "لديّ ابن واحد وسأهبه مرة أخرى للحق من دون تردّد".