في الـ 11 من عمرها، راودت شريفة محمد غريب البلوشي فكرة أن تُصبح طيّاراً، علّها تُحقّق حلماً رَاوَد والدها ولم يستطِع ترجمتهُ واقعاً. حلم دفعها لاحقاً إلى ترك وظيفتها في مجال البنوك للالتحاق بعالم الطيران. تحكي البلوشي: «كنت في الـ 11 من عمري حين اطّلعت على مجلة عن الطيران. جذبتني تصاميم الطائرات والمعلومات التي قرأتها. أذكر أني سألت والدي عن المجلة، فأخبرني أنّ حلمه كان أن يُصبح طياراً، لكنه لم يتمكن من تحقيقه، وتمنَّى أن يَسلك أحد إخواني هذا المجال». كانت تلك اللحظة بمثابة الشرارة التي أشعلت التحدي عند البلوشي. ومنذ ذلك اليوم، راحت تقرأ وتحتفظ بكل معلومة عن عالم الطيران. وعندما كبرت، أصرّت على تحويل حلمها إلى واقع، فتركت وظيفتها، حيث كانت تعمل في أحد البنوك ومضت بعزم في مشوار جديد لتصبح مساعد طيار ـ ضابط أول. عن خطواتها الأولى نحو تحقيق حلمها والدعم الذي تلقّته، تقول: «عائلتي ساندتني، ووقفت إلى جانبي منذ اليوم الأول الذي أخبرتها فيه بقراري بترك عملي المكتبي، لأبدأ مشواراً جديداً في عالم الطيران. زملائي في العمل ظنّوا أني فقدت صوابي، وأصيب بعضهم بالذهول لهذا القرار المفاجئ والجريء. لقد استطعتُ أن أثبت للجميع أنّه لا يوجد شيء مستحيل إذا ما اجتمع الإصرار والعمل والعزيمة». تسترجع البلوشي بدايات ممارستها قيادة الطائرات، قائلةً «بعد اجتياز مرحلة التدريب، كانت موسكو وجهة أولى رحلاتي. يومها، تَملّكني شعور يصعب وصفه وأحسست بأنني فعلاً في حلم. كوني أحلّق فعلاً وأتحكم بطائرة تقلّ على متنها 140 راكباً عدَا خمسة من طاقمها، جعلني أشعر بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقي وفي الوقت ذاته شعرت بالفخر، ليس لأنني أصبحت طياراً فحسب، ولكن لأنّي طيار أمثّل الإمارات دولتي التي أحبّ وأفتخر بها. أنا سعيدة كوني أؤدّي عملي لأردّ جزءاً من الفضل إلى قيادة دولتي الحبيبة التي تَفضّل الله عليها بكلّ هذه النِّعم». مواقف كثيرة لا تزال عالقة في الذاكرة، منها الهبوط الاضطراري في مسقط بسبب إصابة أحد الركاب بذبحة قلبية، أثناء تولّيها مهمّة التحليق بمساعدة الكابتن في رحلة من إسلام أباد إلى أبوظبي. وعن ذلك، تقول: «أكملتُ الرحلة التي شهدت تجربتي الأولى مع الهبوط الاضطراري. يومها، أثنَى الطيار على تصرّفي، قائلاً إنه فخور بأنه معي في هذه الرحلة، وأعرب عن إعجابه بتركيزي أثناء عملي على الرغم من صعوبة الموقف». وعن ثقة الرجال عموماً بقُدرات المرأة في مجال الطيران، تقول: «إنّ ثقة الرجل بالمرأة لا تقلّ عن ثقته بأي زميل آخر في العمل. ومجال الطيران يتطلب من كلّ طيار، رجلاً كان أو امرأة، أن يفكرّ ويتصرّف بشكل عملي بحت، وأن يلتزم معايير السلامة التزاماً تاماً لضمان سلامة الركاب».