لم يكن سهلاً مسار الإماراتية منى عبد الكبير، مهندسة صيانة هياكل ومحركات الطائرات في الاتحاد للطيران. واجهت تحديات عديدة استطاعت التغلب عليها بفضل هدوئها وإيمانها العميق بأنّ هذه التحديات تصنع فارقاً في الأداء. تقول: "التحديات شيء أساسي علينا مواجهته، فكل تحدٍّ يختلف عن التحدي الآخر. الدعم سواء من الأهل أو طاقم العمل مهم لتخطيه. كنت أواجه بعبارات تحاول إثباط عزيمتي كأن يقال لي بأنّي فتاة، والطيران أمر صعب جداً عليّ، وبأني لن أنجح. أما التحدي الآخر الذي واجهته، فكان تعلم كيفية استخدام الآلات الخطرة، فكل آلة تختلف عن غيرها وتحتاج تركيزاً من نوع مختلف، والخطأ فيها غير مسموح". تسترجع منى بذكرياتها، فتعود إلى عمر الأربع سنوات قائلةً: "كانت لدينا مدرّسة. عند انتهاء كل حصة، تسألنا ماذا تريدون أن تكونوا، فيجيب الجميع. واحد يريد أن يكون مهندساً، وآخر جندياً، وآخر طبيباً. وأنا كنت أنتظر ليحين دوري كي أنطق الإجابة التي ينطقها قلبي قبل لساني. يومها، أجبتها بكل فرح "أحلم أن أكون رائدة فضاء". فقالت: "روحي غيّري الحلم. أنت انسانة غريبة. ما في حد يكون رائد فضاء". هذا الأمر كان له وقع سيء في قلب الطفلة منى. تضيف: "أذكر يومها أني خرجت إلى حديقة المنزل وافترشت الأرض، وبدأت أنظر إلى النجوم. جلس والدي بقربي وسألني "ما بكِ؟"، فقلت له "سأخبرك ولكن لا تضحك". قال: "هيا أخبريني". فقلت "أحلم أن أكون رائدة فضاء"، فأجاب: "اعملي على ذلك اذاً". فقلت: "لكن المدرّسة تقول بأني لن أستطيع"، فأجاب "لا، بل يمكنك ذلك ما دمتِ تملكين الطموح. كل ما تحتاجين إليه هو المعرفة والسعي خلف حلمك. لا بد لك من أن تحميه وتدعميه بكل ما أوتيت من قوة. لكن تذكري دوماً بأنّ العلم هو السلاح الذي ستواجهين به التحديات والصعوبات". وتلفت منى: "والدي هو أول من آمن بي وزرع فيّ حب العلم والمعرفة وحب التحديات. في كل مرة أواجه فيها تحدياً، أتذكر هذا الموقف. الفرق الآن أنّ والدي لم يعد موجوداً (رحمه الله)، لكنّي أشعر بأنه معي وبأنه يراني. لذلك أحاول دوماً أن أبهره بما أقوم به ويكفيني فخراً بأني أحمل اسمي واسمه وأحتفي بإنجازاتي باسمي واسمه". تختم حديثها معنا قائلةً: "على الفتيات أن لا يقفن عن حد معين. هناك فرص كثيرة من قبل المؤسسات، وهناك دعم كبير من قبل الحكومة يقدم لهن يومياً. لذلك لا مجال للتخاذل".