يقال إن شعور الرجال بعد الأمان بسبب تبدل أوضاع المرأة في المجتمع، أنتج سلالة جديدة من الرجال يقضون وقتاً معتبراً في إقناع من حولهم أنهم يعانون من زوجات طاغيات ومتسلطات. ومن هؤلاء من يفضل أن تشيع هذه الرواية عن الزوجة المتسلطة والمهيمنة والتي لا تتركه يرتاح أو يهنأ في شيء بين أصدقائهم وشقيقاتهم ووالدتهم على وجه الخصوص، ليسكب أكبر تعاطف ودلال ممكن حين يتواجد بينهن. حقاً كم تغيرت الأشياء! قبل عقود قليلة كان أسوأ صيت يصيب الرجل أن يكون محكوماً من زوجته، الآن أصبح الرجل يعلن من دون مناسبة أن زوجته تتحكم في حياته وتنغص معيشته. السبب بحسب الباحثين في السلوك والمجتمع أن دور الرجل قد اختلف وكذلك دور المرأة، فدخول المرأة الزوجة في الوقت نفسه مع الزوج إلى البيت عائدين من العمل، أمر يربك أي رجل في العالم، ويجعل مهماته المألوفة محرجة بالنسبة إليه. لا يستطيع الآن أن يستلقي أمام التلفزيون بانتظار أن يتم الاعتناء به، عليه أن يشارك في تحضير الغداء وتدريس الأولاد والعناية بهم. وفي هذا يجد بعض الرجال غرابة، وصعوبة في القبول لذلك يلجؤون إلى فكرة أن الزوجة طاغية، وأنها تجعله يقوم بكل ذلك رغماً عنه وليس لأن الحياة كلها تغيرت، فهذا يجعله متصالحاً مع صورته الأصلية التي تربى عليها والتي يعتبر فقدانها خسارة كبيرة في مكاسب الرجل منذ قرون. تجد رجالاً آخرين يحاولون تجنب السهر مع الأصدقاء أو الخروج من البيت، فلا يتردد أن يصف زوجته بـ "المحكمة" أمرت ألا أخرج اليوم، بل إن كثيراً من النساء تعجبهن الصفة ويعتبرن فيها شيئاً من التدليل لهن وإعطائهن المكانة. وفي حقيقة الأمر أنها تدل على صورة يعطيها الرجل عن زوجته وعن عدم سعادته معها في كثير من الأحيان. ثمة نوع آخر من الرجال، يحب أن تظهر زوجته مثل والدته لها سلطة الأمر والنهي والمنح والمنع، لأنه يريد أن يرى فيها نموذجاً لوالدته، ولا يعتبر أن شريكة حياته إلا صورة عن والدته فعلا. الأمر قد يمر بشكل عادي، وقد يحتاج لمناقشة مع الشريك، ربما يزعج الزوجة أن تظهر أنت بمظهر المنساق لتلبية طلباتها، ويزعجها هي أن تظهر للآخرين بصورة امرأة تتحكم في زوجها وتقيم ديكتاتورية في البيت.