دمشق كانت المدينة الوحيدة التي تصنع "البروكار" إنه قماش يتم تصنيعه بطريقة تقليدية يدوية منذ ثلاثة آلاف سنة بحسب المؤرخين، وهو مشهور باسم "الديباج" ويعد من أفخر وأندر وأفخم أنواع القماش وأكثرها دقة في العالم. لكن حرفة صناعة البروكار مهدّدة بالزوال لأنّ العاملين فيها يهجرونها نحو مهن أخرى، ولعدم وجود السياح الأجانب الذين كانوا يتهافتون عليها، لكن تبقى هناك محاولات لإحيائها من جديد من قبل بعض المخلصين لها. فهي عندهم ليست مجرد مهنة لكسب لقمة العيش، إنما يعملون بها عشقاً ومحبة، ولأنها تراث آبائهم الذي انتقل إليهم. أصبح البروكار أشهر أنواع القماش، وطمح في ارتدئه الملوك، فلم يجد الرئيس السوري الراحل، شكري القوتلي، أثمن من البروكار ليقدّمه هدية العام 1947 إلى الملكة إليزابيث الثانية التي طلبت أن يكون فستان زفافها من هذا الحرير المقصّب بالذهب، فأرسل لها مئتي متر من البروكار صنعتها إحدى العائلات الدمشقية العريقة بهذه المهنة. وأعيدت الكرّة معها عندما لبست فستاناً من القماش ذاته عند تنصيبها ملكة على بريطانيا عام 1952، وهذا الفستان محفوظ في أحد متاحف لندن، وهو مزيّن بطيرين. ولبست منه ملكة ماليزيا وملكة إسبانيا في مناسبات عدة. الحرير المستخدم في الصناعة كان يجلب من الصين عبر طريق الحرير، ونظراً لبروز هذه الحرفة وأهميتها التراثية والسياحية، أقيمت مزارع لإنتاج الحرير في منطقة الدريكيش في الساحل السوري، فيأتي الحرير بلونه الخام ثم يصبغ حسب اللون المراد، ويطرّز بخيوط ذهبية أو فضية متداخلة، وهو غير قابل للغسل. وله نقشات متنوعة منها: صلاح الدين وروميو وجولييت والكشمير والسندباد والعاشق والمعشوق التي اختارتها الملكة إليزابيث نقشة لفستانها، ونسبت هذه النقشة إليها وباتت تُعرف باسمها؛ فالرسوم المستخدمة تعتمد بشكل أساسي على التراث العالمي والقصص الخيالية. أصل التسمية يعود إلى "بروكاتيلو" بالإيطالية، التي تعني القماش الحريري المفنن والمطرز بخيوط ذهبية أو فضية، ثم حرفت إلى بروكار بالفرنسية وتعني القماش الحريري، ومنها انتقلت إلى العربية. ومنهم من سماها برو ـ كار تيمّناً بإبراهيم الخليل؛ لأنه سكن فترةً في بلاد ما بين النهرين وعمل في حرفة النسيج؛ ومنهم من يرى أنها تسمية أصلها كردي؛ فـ"برو" بالكردية تعني الحرير، و"كار" تعني المهنة، أي مهنة الحرير.