إذا فكرنا بالميزتين الأكثر أهمية للقرن الواحد والعشرين فربما تكونان التطور التكنولوجي والوجبات السريعة، إنهما أمران متصلان بشكل مباشر بأجسادنا، لذلك فهي تؤثر بشكل مباشر أيضا على قدراتنا الذهنية وحالتنا الصحية. ففي حين كان على آبائنا حفظ وتدوين الأرقام والمواعيد ووتنظيم أجندات مكتوبة، وتقليبها كل يوم للتأكد أنهم لم ينسوا شيئا، نلجأ نحن إلى هواتفنا ونطلب منها أن تنظم حياتنا وتحفظ أرقام أحبائنا وتذكرنا بمواعيدنا وتوقظنا من النوم. كما أن الطعام الذي اعتدنا أن نختار خضرواته بعناية ولحومة بدقة قد اصبح ينتهي في 10 دقائق من الوقوف أمام إحدى مطاعم الوجبات السريعة. كل هذا ليس بلا ثمن! تقول الإحصائيات تبلغ نسبة استخدام الأجهزة الذكية حول العالم حوالي 70 بالمئة، وتحتل دول أوروبا المركز الأول من حيث استخدام الهواتف الذكية، ثم تأتي آسيا والشرق الأوسط، وتزيد نسبة استخدام تلك الهواتف بين النساء بحوالي 65 بالمئة، وتبلغ لدى الرجال 40 بالمئة، وبالطبع ترتكز النسبة الأكبر من استخدام الأجهزة الذكية لدى فئات الشباب، من عمر خمسة عشر عاماً إلى خمسة وثلاثين عاماً. طفرة تكنولوجية أتاحت للإنسان أن يجد كل ما يحتاج إليه، ويحتفظ به من بيانات ومعلومات في مكان واحد تحت الطلب في أيّ لحظة، فإنه على الجانب الآخر قد تكون لذلك عواقب وخيمة، كون أن الاعتماد على قدرات الهاتف، وعدم تنشيط المخ البشري والتكاسل عن حثه باستمرار على تخزين واستعادة البيانات المختلفة، والقيام بالعمليات الذهنية بشكل يومي، يؤدي مع الوقت لتبلّد الذهن وضعف الذاكرة، بمعنى أن كل الإمكانيات والتقنيات والقدرات التي توفرها التكنولوجيا الحديثة، قد تكون ضارة للإنسان من الناحية الصحية، وهو ما ساهم بقدر ما على انتشار فقدان الذاكرة التدريجي. من جهة أخرى، فقد كشفت إحدى الدراسات الحديثة أن أكل الأطعمة الجاهزة يزيد من فرص فقدان الذاكرة في عمر مبكر. ولاحظ الباحثون في الدراسة التي أجرتها جامعة مونستر الألمانية، أن الأشخاص الذين يتناولون مستويات عالية من الدهون المهدرجة تذكّروا 12 كلمة أقل في اختبار للذاكرة، مقارنة بالأفراد الذين لا يتناولون هذا النوع من الأطعمة، كذلك وجدت الدراسة أن الأفراد الأكثر تأثرا بفقدان الذاكرة هم الرجال، بمعدلات أكبر من النساء. وتحتوي الأطعمة والوجبات الجاهزة على كميات عالية من الدهون المهدرجة، التي يتم إضافتها لتحسين الطعم والقوام، ولإطالة مدة الصلاحية، وهو ما أثبتت الأبحاث علاقته بخفض مستوى الذاكرة في عمر مبكر، أيّ ما دون سن الـ45. وقد نجح العلماء في إثبات علاقة مؤكدة بين هذه المواد وفقدان الذاكرة، لكنه ليس السبب الوحيد للإصابة بهذا المرض. ومن المعروف أن أملاح الألومنيوم توجد في الأطعمة الجاهزة، إضافة إلى ماء الشرب ومركبات الأسبرين، كما توجد في المعلبات والأواني المصنوعة من الألومنيوم. وهي تؤدي إلى تدمير خلايا الجهاز العصبي، كما أنها تعرّض الدماغ لصدمات قوية تساهم في الإصابة بالزهايمر وفقدان الذاكرة.