تتناقل وسائل الإعلام منذ أيام أخبارا مؤلمة تخص التلاميذ الذين أخفقوا في امتحاناتهم الدراسية. بالأمس مثلاً، انتحر التلميذ المصري، عمر هارون (14 سنة)، في الجيزة، بعد رسوبه في اختبارات الدور الثاني في الصف الثاني الإعدادي. وقام التلميذ بالانتحار شنقًا داخل منزله حيث عُثر على ورقة نتيجة الامتحان إلى جانبه. أفادت أسرة الطفل بأنه كان قد رسب في إحدى المواد، وأدى الامتحان بالدور الثاني بها، وتوجه في الصباح إلى المدرسة ليسأل عن النتيجة، إلا أنه عاد ودخل حجرته وأغلق الباب، وعندما تأخر حاول أشقاؤه الطرق على باب الغرفة أكثر من مرة، إلا أنه لم يرد، مما اضطرهم إلى كسر الباب ليجدوه معلقًا في سقف الحجرة. في حالة مشابهة، أقدم الطالب نضال العرعير (17 عاماً) من حي الشجاعية شرق مدينة غزة، على الانتحار شنقاً الأسبوع الماضي، بسبب رسوبه في امتحانات الثانوية العامة، فما إن تم الإعلان عن النتائج ولم يظهر اسم نضال كناجح حتى ساد الحزن عليه وعلى والده الذي علق آمالا كبيرة على ابنه كي يُكمل له تعليمه. ولم يحتمل والده رسوبه، فصب جام غضبه عليه وضربه بقسوة ولم يكتف والده بضربه فور معرفته بأنه راسب، بل اعتدى عليه مرة أخرى في الليل وطرده في وقت متأخر، مما جعله يشعر باليأس الشديد والرعب والذل الذي لم يحتمله. وكذلك حدث لتلميذ في الابتدائية في سوهاج بمصر، والذي خاف أن يعود بإخفاقه في بعض المواد إلى البيت ففضل أن ينتحر كأنه يعرف ما سيلحق به من أذى وعنف. فضل هؤلاء الأطفال والمراهقون الموت على العيش مع ورقة امتحان رسبوا فيها، فضلوا الموت على العيش مع عائلاتهم التي أذاقتهم الأمرين والرعب بسبب الدراسة. الخوف من العائلة أقوى من الخوف من المجهول بالنسبة إليهم. الآباء يتعاملون مع الطفل كمسؤول رسمياً أمامهم عن تحقيق أحلامهم، ناسين إخفاقاتهم الشخصية هم أنفسهم، ويصورون الطالب الراسب كأنه عار على عائلته. هذا الإصرار على إشعار المراهق أنه وصل إلى نهاية العالم مع رسوبه في الامتحان، يدفع كثيرين إلى الاضطراب أو الانتحار أو الهروب من المنزل أو المزيد من الإخفاقات. في الدول الأوروبية والأميركية، التعليم بعد المدرسة خيار للابن ولا أحد يجبره عليه، صحيح كلنا نتمنى لأبنائنا مستقبلا باهرا، لكنه قد يكون في مجال آخر غير التحصيل العلمي. حتى وإن رسب مرة، فمازال أمامه الكثير من فرص النجاح في حياته، فلا تجعل أول إخفاق له يكون الأخير.