تبدو مقالات "مساعدة الذات" وكأنها قادمة من عالم مثالي، نحن في المقالات نطلب منك أن تأكلي طعاماً صحياً وتستيقظي باكراً وترتدي ملابس أنيقة و..و..و. يبدو الأمر أحياناً وكأن كاتب المقال لم يعاني من الاكتئاب أو التوتر أو الضغط النفسي أو المشاكل المادية، يبدو وكأنه شخص متفائل وضاحك خلف شاشة كمبيوتره يقترح عليك كل هذه الحلول السحرية وكأن تنفيذها سهل، رغم أن المرء أحيانا من شدة الاكتئاب أو الإحباط يصعب عليه أن يغسل وجهه في الصباح. لو كان من السهل على الإنسان الإصغاء إلى نصائح غيره لكانت كثير من المشاكل حلّت بسهولة، لكن الإصغاء إلى النصيحة ثم تطبيقها أمر ليس سهلا ولا مرغوبا إلا من قلة من الناس. إذن كيف يمكن لأي منا تحسين حياته إن لم يكن بالإصغاء لشخص آخر متفائل يخبرنا أننا سنكون احسن غدا إن اتبعنا نصائح في متناول اليد مثل الرياضة والأكل والابتسامة، نحن نحتاج للمتفائلين الجالسين خلف شاشاتهم يكتبون لنا كي لا يصيبنا اليأس. ولكن قبل ذلك هناك فعلا أمور يمكن فعلها لتغيير طريقة تفكير العقل، لكي يصبح المرء إيجابيا أكثر لكي يستطيع فيما بعد لعب الرياضة واتباع نمط حياة صحي. ما نحتاجه فعلا للتغيير هو تغيير من الداخل، لن تقدر عليه مقالات الدنيا إن لم يكن قرارك العميق والمفكر به. تغيير العادات من أصعب الأمور، ومجاهدة العادات السيئة أصعب التحديات بين الإنسان ونفسه. لذلك فهو يحتاج منك إلى جهد كبير وقدرة على الصبر. إذا قررت التخلص من عادة وإحلال عادة جيدة مكانها فهذا يحتاج منك إلى إرادتك القوية، فهل تملكينها؟ وهل تملكها؟ وإلى جانب الصبر والإرادة الأمر يحتاج إلى وقت، الدراسات تقول إن الإنسان لكي يغير عاداته يحتاج إلى ممارسة عادة جديدة بشكل يومي لمدة 3 أشهر حتى تصبح جزءا من حياته. لاحظي مثلاً ما يحدث خلال شهر رمضان، في الأسبوع الأول يكون الصيام صعبا، ثم في الثاني يصبح أسهل فأسهل وحين ينتهي رمضان تجدين صعوبة في العودة للاكل في الصباح مثلا، إذن فمسألة اكتساب العادات تحتاج إلى تعود وصبر. كما أن المرء يحتاج إلى الآخرين، إلى عائلته وأصدقائه وأحبائه يقفون إلى جانبه في مرحلة التغيير، لنفترض أنك تريد الإقلاع عن التدخين، أو أن تتوقف عن "التعصيب" على الأولاد، انت تحتاج لدعم من زوجتك مثلا وشخص يبنهك حين تزل قدمك أو تكاد تسقط مرة أخرى في المكان نفسه. وأخيراً خذي نفسك وخذ نفسك باللين ولا تقسو كثيرا فتتخلى عنك ذاتك ولا تصبر عليك، تغيير العادات السيئة يكون بالتدريج، مثلا إذا كنت تريدين ممارسة الرياضة فليس شرطا أن تفعلي ذلك فجأة كل يوم وتستمرين لأكثر من ساعة، قومي بذلك بالتدريج في البداية مرتين في الأسبوع لمدة 40 دقيقة كل مرة، ثم 3 مرات لمدة 45 دقيقة وهكذا. أجل نحن ننصحك، ونساعدك على التفاؤل لكننا لن نستطيع تغييرك إن لم تأخذي قرار التغيير وستفشل كل نصائحنا إن لم تعط نفسك الوقت والصبر وتدعميها بالإرادة.