في وقت متأخر من الليل، لديك عمل كثير لا بد من أن تنهيه، وبدلا من أن تنجزيه تجوبين صفحات الفيسبوك، أو تقلبين في محطات التلفزيون. وعدت نفسك أكثر من مرة بأن تبدئي في تناول الطعام الصحي وأن تنتبهي لجسمك وبشرتك وشعرك، لكنك لا تقاومين طلب الهامرغر والبيتزا من المطعم يوما بعد يوم. بعد خلافك مع زوجك تذهبين إلى السوق وتشترين أشياء لست بحاجة إليها، ومهما اشتريت لا يبدو أنك تشعرين بتحسن أبداً. إذا كنت تجدين نفسك في هذه المواقف بشكل متكرر، فأنت تعانين من عقبة تحتاج منك إلى شجاعة، عقبة موجودة في شخصيتك وتقف بينك وبين تحقيق أي إنجاز في حياتك، ألا وهي: تخريب الذات. قرأت مؤخراً كتاباً للطبيبة النفسية سوزان أندرسن تتناول فيه هذه الحالة وتضع برنامجاً يساعد كل من يشعر بهذه العقبة على تخطيها والوقوف على المسار الصحيح. قضت هذه الطبيبة ثلاثين عاماً تعالج المتعبين والمصدومين بعد أزمات نفسية مختلفة، وتعتقد بأن ثمة شيء في ماضي كل واحد منا هو المسؤول عن بعض السلوكيات الأكثر إحباطا لدينا مثل: الإدمان، التسويف والتأجيل، الإفراط في تناول الطعام، وقلة الرعاية الذاتية، ومشاكل العلاقة الزوجية والعاطفية. ما نحن بحاجة إليه فعلاً هو وضع ماضينا تحت السيطرة، إذ تدعو أندرسن إلى أن يحاول كل منا ربط أسباب تصرفه بالأحداث المؤلمة السابقة في حياته، وأن يفهم حاضره من خلال ماضيه لكي يستطيع التأثير على نفسه وضبط تصرفاتها. ليس الأمر بهذه البساطة ويحتاج إلى وقت وصبر وشجاعة، مواجهة الذات والدخول في برنامج إعادة توجيه للعقل ليكون إيجابياً. ويتطلب من المرء أن يسأل نفسه أصغر الأسئلة وأن يعرف كل ما يهتم به حقاً، ويدرك حجم قدراته. تضع الطبيبة في الكتاب مجموعة تمارين تدخل الإنسان في هذا البرنامج، تسأل فيها أسئلة تافهة وأسئلة عميقة، لكن تلك التي نعتقد أنها تافهة ليست إلا استكشافاً في نفسك وعقلك. المطلوب منك لإنقاذ نفسك من التخريب الذاتي، أن تجلسي وتفكري بعمق في سبب تصرفك على هذا النحو، انت وحدك لديك المفتاح ضعي عدة إجابات، وضعي عدة مواقف في حياتك أو طفولتك أو مراهقتك مررت بها وتعتقدين أنها جعلتك تتصرفين على هذا النحو. إذا عرفت سبب سلوكك استطعت السيطرة عليه، أما السلوك من دون فهم فهو سلوك يظل يتكرر ويهدم حياتك.