وصلتني رسالة من إحدى الأمهات اللواتي يتابعن موقع "أنا زهرة"، تقول فيها "بدأت ابنتي تضربني حين لا تحصل على ما تريد، أصبحت تركلني بقدمها في ساقي حين أكون واقفة أو تضربني على الوجه والصدر حين أكون جالسة أمامها وأطلب منها النوم أو توضيب غرفتها أو عدم الصراخ. عمر ابنتي ستة أعوام، ضربتها حين ضربتني وقلت لها لقد أوجعتني وها أنذا أوجعك، وحبستها وأخبرت أباها فعاقبها أيضا، لكن ذلك لم يمنعها من تكرار الأمر نفسه بعد أسبوع من أول مرة. ماذا أفعل؟" أولا من الجيد انك تفكرين في حل المسألة مبكراً وابنتك في السادسة وليست في السادسة عشر. فهناك كثير من الأمهات اللواتي يخجلن من ضرب أطفالهن لهن فتقابل العنف بعنف حتى تصبح الفتاة أو الطفل مراهقا ولا يجد مشكلة في تعنيف والدته. وفي الحقيقة كلنا نطمح إلى عائلة لا عنف فيها، وبيوت هادئة وفيها حد من التفاهم بين أفرادها يكفل لكل منهم أن يعيش حياة مطمئنة وأن يجد في البيت المسرة والطمأنينة التي يحتاج إليها. أولاً: الشخصية الضعيفة للأم لا ينفع أن تقفي امام طفلتك أو طفلك الذي يركلك ويشد شعرك عاجزة. الطفل يحتاج أن يشعر أن والدته قوية الشخصية ومسيطرة على لحظة الانفعال هذه وإلا سيتمادى. قفي وامسكيه بحزم وقولي بصوت كله هدوء وقوة وصرامة وبشكل واضح "نحن في هذا البيت لا نضرب، ما فعلته الآن من الصعب جدا أن أسامحك عليه. وحين تكون غاضبا تدخل إلى غرفتك وتجلس وحدك إلى أن تهدأ ليس مسموحا لك أن تضرب أي أحد في البيت". رد الفعل الأول أنت تحافظي على الهدوء، هذا الأمر يصدمه، لقد توقع أن تصرخي فيصرخ ويركل وتحدث الفوضى التي يريدها، خذيه من يده إلى غرفته أجلسيه بهدوء على سريره مهما تصرف أو فعل، تمالكي أعصابك وكلما رفع صوته اطلبي أن يخفضه. اتركيه في الغرفة وحده حتى تهدئي ويهدأ. ثانياً: فهم الأسباب هل أنت معنفة؟ إذا كنت امرأة معنفة أمام طفلك، فمن المتوقع أن يقوم بالمثل. إذا كان زوجك يصرخ في وجهك أمام الأولاد أور بما يعنفك جسدياً فرد فعل طفلك أو طفلتك نحوك يبدو طبيعياً، إنه يعتقد أن الضرب طريقة التفاهم العادية. أما إن لم يكن هناك عنف في المنزل أصلا، وكنت وزوجك حريصين على حل مشاكلكما في غرفتكما، فإن هناك ما يجعل من طفلك عدوانيا. تأكدي من أنه ليس جائعاً أو مرهقاً تجنبي أن تستفزي الطفل إن كان جائعاً أو متعباً أو نعساناً، وحاولي أن تفكري حين تجلسي وحدك كيف حدثت لحظة العنف وما الذي أوصلكما إليها بالضبط. هل تميزين بين أبنائك؟ فكري جيداً إن كان لديكما أكثر من طفل، فقد يكون السبب أنك لا توزعي اهتمامك بالعدل بين أبنائك وان طفلتك تشعر انها محبوبة بشكل أقل أو مهملة أو أنك تميزين بينها وبين شقيقها أو شقيقتها. هل تفعلين ذلك؟ الشعور بالإهمال سبب أساسي لعدوانية وغضب الطفل. لا تتكلمي كثيراً حين تنفجر اللحظة كما قلت لك، قولي جملة واضحة وصريحة حول رفض الضرب في البيت، وقللي عدد الكلمات قدر الإمكان، على الطفل أن يشعر بأنها لحظة حرجة فعلا، وفكري أيضاً ألا شيء يمكنك ان تقوليه للطفل يمكنه أن يلطف الجو أو يهدئه فجأة. وكثرة الكلام مع صراخ الطفل ستصيبك بالإحباط. خاطبي الألم الذي يغذي عدوانية الطفل الطفل الغاضب هو طفل يتألم، الطفل المجروح هو الذي يحاول أن يجرح. طفلك قد يكون يتعرض للعنف في المدرسة من الزملاء أو المعلمة أو المدرس. وأفضل ما يمكنك أن تقومي به هو أن تجلسي مع الطفل وتسأليه:" هذا الصباح كنت غاضباً، كنت غاضبا جدا من ماما وقمت بعمل شيء محزن حين طلبت منك ارتداء الحذاء الرياضي للمدرسة وأنت تريدين ارتداء الحذاء العادي. مالمشكلة هل أجبرك دائما على فعل أشياء لا تريدين فعلها؟" من المفيد أن نشرح للطفل لماذا طلبنا منه ما طلبنا ثم نسأله عن سبب غضبه إلى هذا الحد. لا تستهيني بتعليم الطفل التفكير في غضبه، إنها أحد وسائل السيطرة على الغضب التي تعلمينه إياها للعمر كله. الكلام الطويل بينك وبين الابن أو الابنه لا بد أن يكون بحضور الأب الذي عليه أن يشعر الطفل بضرورة أن يخجل لأنه فعل ما فعل. العقاب ضروري ولا رائحة للعنف فيه مهما كانت أسباب الطفل فعليه أن يتلقى عقابا مناسبا وليس عنيفا، وعليكم توضيح أنكم الكبار الناضجين والأقوياء لن تلجؤوا لضربه ولا للعنف معه كما فعل معك، من الضروري أن يفهم ذلك، وأن العقاب سيكون بالمنع من اللعب ومن المصروف، وكذلك على الأم أن تتجاهله تماما لأيام، ومن الضروري أن يعتذر وأن يأخذه الأب ليشتري هدية أو يحضر شيئا يعتذر به من الأم ويعبر لها عن أسفه بعد مضي عدة أيام.