إن الانتقال من مرحلة الطفولة إلى البلوغ عملية ولادة نفسية صعبة، فيها تحديات كبيرة تزيد كلما ازدادت تعقيدات العصر. وبشكل عام عليك أن تطلعي بشكل جيد كأم على أهم التغيرات التي تحدث لابنك أو ابنتك، ومن أهم واجباتك الصعبة أيضاً الموازنة بين إعطاء أبناءك الحرية والخصوصية وبين الانتباه لكل كبيرة وصغيرة، ومعرفة أصدقائهم ومشاكلهم وكل شيء عن حياتهم. لكن علماء النفس والتربية أيضاً يؤكدون على أربع حاجات ماسة في حياة أي مراهق في أي بيئة في العالم ومن أي طبقة اجتماعية كانت. ويعتبر التربويون أن هذه الأمور الأربعة هي محور الأمان الذي يحمي ابنك وابنتك ويحميك أنت من المفاجآت الغير سارة. الحاجة الأولى: ممارسة الجهد البدني، فالمراهقون لديهم طاقة كبيرة ورغبة كبيرة في استخدام هذه الطاقة، والتي يجب أن تجد طريقة لتصرف فيها. وتعتبر الرياضة والمشاركة في فرق كرة قدم أو سلة أو في مركز رياضي أو حتى في مباريات عائلية رياضية مع الأب والعم والخال والأقارب. ومن الجدير بالذكر أن الدراسات تلفت إلى أن 30 دقيقة من رياضات الكارديو أي التمارين اليومية التي تزيد ضخ الدم في الجسم تقلل نسبة التوتر وأعراض الكآبة لدى المراهق بنسبة 70%. يقولون إن لدى المراهقين مشاعر أكثر من الكلمات، لذلك هم لا يستطيعون التعبير جيدا عن آمالهم ورغباتهم وتوقعاتهم مثل شخص بالغ، لذلك فالرياضة هي أفضل وسيلة تعبير وأكثرها صحية. كما تشير الدراسات إلى أن المراهق والمراهقة الممارسين للرياضة يكونون أقل إثارة للمشاكل في البيت مع إخوتهم الأصغر سنا، وأكثر ثقة بأنفسهم ويتصرفون بشكل أكثر مسؤولية. الحاجة الثانية: المراهق يحتاج إلى أفعال يومية تزيد من تقديره لذاته. وتقول الدارسات إن المراهق يحتاج من ثلاثة إلى أربعة ممارسات تزيد ثقته بنفسه كل يوم. وهذا يعني إعطاء ابنك أو ابنتك مهمات ينجح فيها تكافئينه عليها تارة أو تدفعين الآخرين إلى إطرائه خصوصا الأب. ومن بين هذه المهمات أعطه مهمة مدفوعة الأجر أيضاً، كأول عمل له يكسب منه وتعلمينه قيمة العمل وتقدير جهده ووقته. من هذه المهمات مثلاً، طلاء سور البيت أو شبك الحماية وكذلك العناية بجزء من الحديقة، يمكنك أن تقسمي بضعة أجزاء من الحديقة على أبناءك، وكل واحد يكون مسؤولا عن جمال ونظافة الجزء الذي يعنيه. ادفعيه للبحث عن عمل في الصيف بساعات قليلة، حتى وإن كنتم عائلة ميسورة الحال، فالعمل هو الذي يبني الشخصية الاجتماعية الجادة. الحاجة الثالثة: لا تبالغي في اعتبار ابنك كبيراً لأنه طول فجأة، أو لأن ابنتك أصبحت بالغة فتعامليها كشابة. إنهم مساكين أجساد بالغة وعقول طفولية وبريئة. لذلك يحتاجون إلى قواعد وحدود وممنوعات ومسموحات. هذه القوانين هي التي تسمح لسلوكهم أن ينتظم وأن ينضج، وتساعدهم في تربية عادات جيدة تظل معهم طيلة العمر. الحاجة الرابعة: القدوة هي الحاجة الرابعة للمراهقين، إنهم يحتاجون مثالاً يحتذى سواء أكان المدرس في المدرسة أو المدرب الرياضي، نماذج خارج العائلة غير الأب والأم التي سيبدأ المراهق يرى فيها السلطة. لذلك إن كان لديك أخ ناجح أو عم أو حتى الجد فليكن هو المثال بحيث توطدي علاقته بالمراهق ليجد في شخص بالغ وناجح مثالا يحتذي به ويبني معه الثقة ويستنجد به إن كان يتحاشى اللجوء للأبوين. أحيراً وفي الحقيقة، إنه وبالإضافة إلى الحاجات الأولية التي ذكرناها، فإن لكل مراهق مشكلات خاصة إما مع العائلة أو في التعليم أو مشاكل نفسية أو صحية. لذلك على الأبوين تطوير مهاراتهم التروبية واللجوء لمختصين إن كان المراهق يعاني من مشكلة بعينها.