لأسباب اجتماعية وتربوية ودينية ظلّت المملكة العربية السعودية بعيدة عن سمعة جرائم الشرف بشكل كبير، بالنظر إلى الدول العربية المجاورة التي يصل فيها عدد الفتيات المقتولات باسم شرف العائلة إلى العشرات سنوياً. لكن الوسم الذي انتشر منذ يومين مثل النار في القش، بعد جريمة قتل فيها شاب سعودي في العشرينيات شقيقته التي في الثلاثينيات يوجب دق ناقوس الخطر. المفارقة أن كثير من الأسباب نفسها التي حمت المجتمع السعودي من ارتفاع هذه الجريمة في العقود السابقة، قد تقود إلى زيادتها في المستقبل، فالتغيرات الاجتماعية قادمة لا محالة، وإن لم يتم هضمها بتروٍ وتفهم فإنها قد تلحق بالأسرة السعودية الكثير من الأذى. القصة، حسبما تداولت الصحف التي نشرت الخبر، أن الفتاة تجاوزت الثلاثين وتريد الزواج من شاب من جنسية عربية، لكن أشقاءها يمانعون ويعنفونها بشكل مستمر بالضرب، مما جعلها تلجأ إلى إحدى مراكز "الحماية الأسرية" التابعة للدولة. لكن المركز عجز عن حمايتها إذ أطلق عليها شقيقها خمس رصاصات وفارقت الحياة في مدينة جدة قبل أيام. الوسم الذي انتشر يوم الجمعة هو "#شاب_يقتل_شقيقته_بجده"، أما التغريدات التي تبعته فتناولت قضايا العشائرية والعنصرية وزواج السعودية من غير سعودي وكذلك "العنوسة". وإن ظل المجتمع متزمتاً بأن الفتاة السعودية لا تتزوج من غير سعودي أو حتى من غير عشيرتها، وإن سمحت العائلة بالعنف الأسري كطريقة وحيدة لضبط أفرادها، فلنتخيل إلى أين ستقودنا هذه الأمور إذا أضفنا إليها المعلومة التي تقول إن ثلث السعوديات تأخرن عن السن المعروف للزواج، وأصبحت حظوظهن في تكوين أسرة أقل. ثم لنضف إلى كل ذلك، الظروف الاجتماعية التي غالباً ما تحدد مجالات تعليم وعمل المرأة إن لم تمنعها منه وتحدد سفرها، فماذا تبقى لهذه المرأة من حياة؟ هل من المفترض أن تقضي ما تبقى من شبابها أمام شاشة التلفزيون في البيت أو في التنزه في المول وشراء الثياب والمجوهرات؟ إن المجتمع بهذه الطريقة يحتضن قنبلة اجتماعية قد تنفجر فيه إن لم يتداركها، وربما نسمع عما يسمى بـ "جرائم الشرف" أكثر فأكثر، بل وربما نسمع عن حالات الانتحار، كما سيتفاقم العنف في الأسرة أو حتى المشاكل الاجتماعية المختلفة. المجتمع السعودي يحتاج إلى صمام أمان سريع، يحمي شاباته وشبانه ويجد حلاً لمشاكلهم الأسرية والاجتماعية، ويفتح للفتيات طاقة أمل. من مدة كان هناك وسم آخر أيضاً تسبب في الكثير من الجدل، كان الهاشتاغ بعنوان: #ثلث_السعوديات_عوانس، أليس هناك معنى من أن المغردين تطرقوا إلى المواضيع نفسها تقريباً في الوسمين؟. أصبح "تويتر" طريقة السعوديين في مناقشة مشاكلهم الاجتماعية بجرأة، والتعبير عن آرائهم نساء ورجالاً في أمور يتحسسون عند وضعها على الطاولة. ورغم ما يحدث من تلاسن التغريدات، لكن تويتر قد يكون بارومتر أو ميزان يقيس حرارة القضايا الاجتماعية في السعودية.