لأول مرة في تاريخ عملي مستشاراً لحل الخلافات الأسرية يمر بي في يوم واحد أربع حالات لزوجات يطلبن الطلاق، ولدى السؤال عن السبب يكون عدم وجود علاقة حميمية بسبب امتناع الزوج عن زوجته وهجره لها. والغريب أن حالة الهجر ليست لخصام بين الزوجين، إذ أنها امتدت لسنوات فلو كان خصاماً لكان انتهى. ولدى التحقيق في ملابسات الأمور، يتبين أن الزوج لديه علاقة أخرى خارج الزواج يكتفي فيها ويترك الزوجة للبيت والمظهر الاجتماعي أمام الناس. لا أخفيكم أن الأمر بدأ يتحول لظاهرة والحالات الأربع تقريبا الزوج فيها لم يكتف بتقصيره بحق المعاشرة تجاه الزوجة. تقول إحدى الزوجات اللواتي أتين يطلبن الطلاق: اكتشفت أنه كل أسبوع يواعدها مرتين أو ثلاث، فمالذي يمنعه مني ويصده عني 5 سنوات ولا يعاشرني رغم أني حلاله؟ أضف لكل ذلك أن الأربع حالات هن نساء جميلات بمقياس الجمال الظاهري وحسب كلام الأزواج أنفسهم في بيوتهن مهتمات ونظيفات ويجتهدن في التزين والدلال والحركات لكن كما قالت إحدى الحالات: (لا حياة لمن تنادي). تساءلت : ما السبب ؟ هل هو تزيين الشيطان للرجل بالوقوع بالحرام؟ هل هو الروتين بالحياة الزوجية؟ أم هو غياب الوازع الديني؟ ثم تساءلت: ألا يحس الزوج الذي ترك زوجته 5 سنوات بدون معاشرة بذنب أو تأنيب ضمير؟ ألا يخشى أن يفتنها في نفسها ودينها ويدفعها بذلك لطريق الخيانة؟ ثم أني تعجبت وصدمت عندما برر لي بعض الأزواج إصراره على بقاء واستمرار الحياة الزوجية رغم هذا الإثم الكبير الذي يرتكبه حين بحرمانها من الحق الشرعي الطبيعي حينما قال: "إحنا لدينا أطفال وعايشين كل واحد في حاله".هل هذا كلام يعقل؟ وقال آخر: "إنها ترفض زواجي بأخرى وإلا ستطلب الطلاق لو تزوجت فاضطررت لعمل علاقات". قلت له: ولماذا أهملتها هي وهي لم تقصر فيك يوما؟ فرد الزوج المحترم بكل جرأة وسفاقة: "إنه حب التغيير يا سيدي". بماذا ترد على أمثال هؤلاء؟ إلا أن تقول إن طلب الطلاق من مثل هؤلاء الأزواج واجب وأعتقد أن مثله لا يصلح أبا ولا زوجا ولا يستأمن على أسرة. وبعد التعامل مع الحالات الأربع اليوم استنتجت أربع نقاط: 1-    سكوت المرأة شهر واثنين وسنة وخمس سنوات عن حقها الشرعي جعل الرجل يتمادى ويحس بأن موضوع المعاشرة ليس ذي أهمية عند الزوجة، فساقه الشيطان سوقا للتعارف خارج البيت بحجة أن الزوجة نفسيا لا تتقبله ولا تطلب تلك العلاقة مما وسع الفجوة وكبر الجفاء بينهما. 2-    الضعف الجنسي عند الزوج وتكبره على العلاج أو خوفه من تعاطي الأدوية والمقويات وتكاسله عن ذلك بحجة انشغاله بالدوام والتجارة وكلها أعذار واهية لا تبرر خطأ الزوج ولن تمنع عنه حساب الله يوم القيامة لأنه لم يأخذ بالأسباب للعلاج. 3-    تمنع الزوجة نفسها بسبب تراكمات نفسية سببتها سوء معاملة الزوج وعائلته لها من سب وإهانات بل وضرب أحيانا وعدم اعتراف بالجميل . وجملة القول أرى من وجهة نظري كمتخصص أن وجود انقطاع طويل الأمد في العلاقة الزوجية تحت أي سبب يوجب الطلاق، حتى لو هناك أولاد، خاصة إن وصل الأمر للفتنة في الدين لأحد الطرفين. تقول الزوجة صاحبة الحالة الرابعة: إن حرماني من العلاقة الحميمية يكاد يفتني في ديني وكدت أن أغلط وأنا على ذمته وأنا لا أريد هذا الطريق ..لذا اخترت الطلاق وخروج بالمعروف.