هل تعلمين أن قراءة هذا المقال تستغرق منك أربع دقائق فقط بمعدل القراءة الطبيعية، لكن المعلومات التي فيه تعطي الكثير من الخبرات التي أدلى بها مختصون في العلاقات الزوجية بعد سنين من الدراسة. لم لا تستغلي الفرصة إذن وتطلعي على ما يقولونه لعلك تحلين مشاكل في حياتك الزوجية، أو تبدأينها على نور كما يقال. تقول الطبيبة النفسية جونيس ويب - والتي كتبت أحد الكتب المهمة بعنوان "كيف تتجاوز آثار طفولتك السيئة" - أن نجاح الزواج متعلق بشكل كبير بكيفية إدارة المشاعر فيه، المشاعر السلبية والإيجابية التي يتركها الناس مهملة مثل حديقة لا يعتني بها أحد، حتى تتشابك أغصانها وتتعقد ويصعب بعد ذلك تنظيمها وتحويلها إلى حديقة غنّاء. وتضيف الطبيبة المختصة بالعلاقات الزوجية، والتي مرّ عليها مئات الحالات من الزيجات التي تعاني من مشاكل عويصة، إن الأزواج عموماً يميلون للتحدث عن الأمور السهلة أو الحلوة أو المشاكل الظاهرية، فهم يتحدثون مثلاً عن نجاح الأولاد في المدرسة، التحضير لعطلة الصيف، أو حتى يميلون للحديث عن مشاكل عينية مادية مثل أزمات العمل أو تقصير الأبناء أو أغراض البيت، لكنهم يتحاشون بشكل كبير الحديث عن المشاعر. يحب الأزواج البقاء على السطح، وحين يختلفون لا يتعمقون في أسباب مشاكلهم، يفضلون الاعتقاد أنها سوء تفاهم أو خلاف يمكن حله. فالمشاعر منطقة غامضة والتعامل معها ليس أمرا مألوفا. لكن الغراء الذي يلصق الزوجين ببعضهما مبني من العواطف الممزوجة بالتفاهم، وفي الحقيقة أن أي خلل في الطرفين يؤدي إلى خلخلة هذا الغراء الذي يجمع الواحد بالآخر. بل إن جزء من هذا الغراء هو الألم والجروح التي تعاون الاثنان على نسيانها. وهذه المناطق التي يعمل فيها الارتباط عميقة وتحتاج لشجاعة لتأملها والتفكير في مشاكلها وعيوبها وحسناتها. وتبين الطبيبة إن معظم المشاكل الزوجية الخطرة تحدث في بيوت تم إهمال أحد الزوجين فيها وهو طفل، أو لم تتم العناية بمشاعره وعواطفه. فالإنسان الذي يكبر في بيئة لا تهتم بمشاعره وتلتفت لتأثير الحياة على عواطفه هو إنسان يجهل نفسه وعواطفه وكذلك يجهل التعامل مع عواطف الآخرين. وتقترح الطبيبة ويب طريقة سهلة يفتح بها كل شريك نافذة في عواطف الآخر ويطل منها عليه ويتعرف على طريقة تفكيره في عواطفه وكيف تتجه إلى هذا الشعور أو ذاك. هذه الطريقة بحسب ويب تقوي الغراء الذي يلصق الزوجين عاطفياً وتسميها "طرح الأسئلة العمودية". ولكن ما معنى الأسئلة العمودية؟ تبين ويب إن الأسئلة العمودية هي عكس الأفقية، وهذه الأخيرة هي التي تسألينها لزوجك كل يوم. مثل: لماذا تأخرت؟ ماذا ستفعل آخر الأسبوع؟ كم دفعت ثمناً لهذا الشيء؟ أين كنت؟ ماذا ينبغي أن نفعل بخصوص هذا الأمر؟ هذه الأسئلة لها قيمة وهذا صحيح، لكنها مرتبطة بمطالب تقريرية، أنت تريدين أن تعرفي وكذلك أنت تريد أن تعرف أين كان الشريك وماذا فعل وكم دفع وأين سيذهب. الأسئلة العمودية عكس كل هذا، إنها تطرح على المشاعر وتهدف إلى اختراقها والوصول إليها. من هذه الأسئلة: لماذا تقول ذلك؟ ولماذا تستخدم هذه الكلمة بالذات؟ ماذا تشعر إزاء هذا الأمر أو ذاك؟ لماذا تستاء حين أفتح هذا الموضوع؟ هل أنت غاضب، لماذا؟ لماذا تبدو حزيناً؟ أشعر أنك تقول شيئاً لكن ملامحك وحركاتك تقول شيئاً آخر؟ هل يمكنك أن تفسر لي سبب تصرفك هذا؟ هل يذكرك هذا الموقف بشيء يزعجك؟ هذه الأسئلة فيها دعوة مستمرة للتفكير في مشاعر الآخر، بها يقول الشريك للآخر أنه يهتم ويلاحظ ويريد أن يعرف بشكل عميق عن مشاعر الآخر. كما أنها أسئلة تكشف الكثير من أسباب بعض التصرفات التي تسبب المشاكل بين الزوجين، وتتيح لكل منهما أن يتسامح مع الآخر ويتحاشى أسباب ألمه. تابعي المقال القادم سنحكي لك أثر الأسئلة العمودية على حياة زوجين جرباها فعلاً.