لم أجد ما أصف به موقف هذا الأب المتعنت مع ابنته التي بلغت من العمر 37 عاما إلا أنه يقود بوأدها، بعد أن أصر على عدم زواجها بعد بلوغها هذا السن بالإضافة للمرض تقول الفتاة: دوما يخالفني أبي في موضوع زواجي فمن أوافق عليه يرفضه هو ومن أوافق عليه يرفضه أبي.وهذا التعنت منذ كان عمري 19 عاما ولا أعرف له سببا وأنا فتاة أعيش في أسرة مكونة من 4 أولاد و3 بنات. كل منهم يعيش بعد زواجه بعالمه الخاص مشغول بنفسه عن غيره بسبب طريقة أبي في تربيتهم ورغم أن جميعهم يعملون ويتقاضون رواتبا لكن لا أحدا منهم يساعد أبي إلا أنا. اعتمدت على نفسي وأنفقت على تعليمي وأصبحت بمكانة مرموقة اجتماعيا وكم من شاب تقدم لي وأبي يرفض. قلت له يوما : مساعدتي لكم ولأخوتي ماديا ستستمر حتى لو تزوجت يا أبي وأتعهد لك بذلك فكان رده : أنا أخاف على مصلحتك والكل يطمع فيك ..قلت له : كيف ذلك وأغلب من تقدموا لي أفضل منا ماديا واجتماعيا.كتمت أحزاني بقلبي يا سيدي وانعزلت ببيت أبي ورغم هذا الإحساس بالقهر لم أقصر في نفقة على أبي ولا سداد لديون أحد من إخوتي وأخواتي وعام بعد عام وكل مرة يعرقل أبي موضوع زواجي حتى وقفت اليوم ولأول مرة أصرخ من داخلي أن يرحمني أبي مما أنا به بعد أن وصلت لهذا السن الحرجة في الزواج . أصيبت الفتاة – حسبما ذكرت - بمرض السكري وأصبحت تتردد على المستشفيات دوما وتتعاطى أدوية وتصرف أغلب راتبها على العلاج وفاتها قطار الزواج كما يقال. لكنها لكونها رزقت قلبا مؤمنا وأخلاقا راقية ووجها مبتسما متفائل، تقدم لخطبتها رجل ارتاح لصاحبة القصة على حد قولها وطلبها من أبيها ووافق عليه الأب بالبداية فلما رأى ابنته وافقت إذا به يختلق الأسباب ليخرجه من حياتها ورفض الزواج بكل شدة فلما سأله الناس من حولهم ما السبب في رفضك كان يقول: لا سبب عندي لكني أرفضه وخلاص .. قلت له: لو كنت خائفا على راتبي فإن الرجل تعهد لك بأن يكتب شرطا بعقد الزواج ألا يمنعني من العمل ولا يتدخل براتبي أو مساعدتي لأهلي ماديا. قلت لها: وبماذا كان يرد والدك؟ قالت: لا شيء يسكت ولم يرحم دموعي ولم يبرر لي سبب رفضه ووالله لو ذكر سببا واحدا يا سيدي لرفضت هذا الرجل. لكن أبي استخدم حقه كولي أمري ليمنعني من حقي في الزواج. لذا ذهبت للمحكمة لكي أطلب من القاضي أن يكون هو وليي ليزوجني بدلا من أبي الذي قال لي : لو ذهبت للمحاكم فأنا سأتبرىء منك ليوم الدين. تعليق: يا ابنتي ويا كل ابنة تمر بمثل مآساتك لك الحق في اللجوء للشرع والقانون الذي كما أوجب للأب حق الولاية في زواج ابنته هو نفسه الشرع الذي حذر الولي سواء كان آبا أو أخا أو عما من أن يستغل تلك الولاية بسوء فيما يسمى شرعا بعضل الولي . وإذا قلنا ربما لدى الأب أسبابا لرفضه فمن كلام الفتاة يتبين أن الأب ليس لديه سببا إلا حاجة في نفسه لو كان فيها على حق لصرح بها. فما الذي يمنعه وما الذي يجعله يقف ذاك الموقف الظالم ضد ابنته وهي قد صرحت له بأنها سترفض الرجل المتقدم إن أبدى لها الأب ولو عذرا واحدا مقنعا. فإذا كان الأمر كذلك والأب تعنت ولم يذكر سببا لرفضه فللفتاة الحق أن تلجأ للشرع والقانون. فكم من عمرها قد تبقى وكم من صحتها قد تبقت حتى نساومها ونعاندها ونسوف زواجها صدق أمير المؤمنين عمر عندما اشتكي أبا عقوق ولده له فلما استمع عمر لظلم الأب لولده قال للأب: عققته أولا فعقك آخرا .