يختار كثير من المغاربة، خلال أوقات الفراغ أو عطلة نهاية الأسبوع، التوجه صوب المنتزهات الطبيعية في ضواحي المدن، من أجل القيام بنزهة تكسر روتين الحياة اليومي من عمل أو دراسة، وخلالها يقومون باصطحاب ما يحتاجونه من مؤونة غذائية تكفيهم خلال ساعات استجمامهم بين أحضان الطبيعة أو تحت أشعة الشمس. وفي مدينة طنجة، أقصى شمال غربي البلاد، يفضل الكثير من شباب المدينة، القيام بنزهتهم في أحد الفضاءات الطبيعية التي تزخر بها ضواحي هذه المدينة المطلة على واجهتين بحريتين (المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط)، مصطحبين معهم خضراوات طازجة ولوازم طبخ تقليدية، من أجل إعداد ما يسميه السكان المحليون كغيرهم من سكان شمال المغرب بـ"التاكرة". و"التاكرة"، عبارة عن وجبة سمك تحوي أنواعاً من الخضراوات والتوابل، ويتم في الغالب طهوها فوق نار الحطب أو في أفران تقليدية، وتوضع في إناء دائري أو بيضاوي الشكل مصنوع من الفخار، يسمى "الطاجن"، عند عموم المغاربة، إلا أن الكثير من السكان العرب والأمازيغ بالريف المغربي، يفضلون تسمية هذا الإناء بـ"التاكرة". ويشرح محمد الزناكي، رئيس جمعية "يوبا للثقافة الأمازيغية" (غير حكومية)، في حديثه للأناضول أن كلمة "تاكرة"، هي كلمة أمازيغية الأصل، لها مشتقات من قبيل "تغرة" و"ثاكرة"، وكلها مصطلحات تدل على كلمة "الطاجن"، كما هو معروف لدى باقي سكان المغرب. ويضيف الزناكي، الذي تعنى مؤسسته بالتعريف بالثقافة الأمازيغية في منطقة الريف شمال المغرب، أن كلمة "تاكرة" ومشتقاتها عند المغاربة الأمازيغ، إضافة إلى قبائل "غمارة"، و"جبالة" (قبائل عربية تستوطن الريف المغربي) تطلق على وجبة "طاجن السمك"، أكثر مما تطلق على أي وجبة أخرى يمكن طهوها في هذا الإناء. ولا توجد أرقام رسمية تحدد أعداد الناطقين بالأمازيغية كلغة أم في المغرب، غير أنهم يتوزعون على ثلاث مناطق جغرافية (منطقة الشمال والشرق ومنطقة الأطلس المتوسط ومناطق سوس في جبال الأطلس) ومدن كبرى في البلاد، فضلاً عن تواجدهم في الواحات الصحراوية الصغيرة. على مسافة 14 كيلومتراً بالضاحية الغربية لمدينة طنجة، يوجد واحد من أهم المنتزهات الطبيعية التي يقبل عليها بكثافة السكان المحليون وزوار المدينة على مدار أيام الأسبوع، ويتعلق الأمر بمنتزه "الرميلات"، حسب التسمية الشهيرة لهذا المكان، الذي يشكل فضاء يجد فيه مرتادوه مكاناً مثالياً للاستجمام، بفضل مميزاته العديدة، حيث يشكل جزءٌ منه محمية طبيعية لأنواع نادرة من الحيوانات والطيور والنباتات، فضلاً عن إطلالته على مضيق جبل طارق، الفاصل بين أفريقيا وأوروبا. في هذا الفضاء الطبيعي، بحسب ما عاينه مراسل "الأناضول"، تتوزع أسر مكونة من عدد من الأفراد، أو مجموعات شباب وشابات اختاروا جميعاً هذا المكان لقضاء يوم بين أحضان الطبيعة بعيداً عن روتين الحياة اليومية. وفي أحد جنبات هذا المنتزه أيضاً، ينهمك ثلاثة شباب في إعداد وجبة الغذاء، حيث يقوم اثنان بتقشير البطاطس وتقطيع الطماطم وبعض الخضراوات الأخرى، فيما انصرف الثالث إلى تهيئة السمك، قبل وضعه في "الطاجن"، بينما اختار زملاء لهم خلق جو من النشاط من خلال الضرب على الدف وترديد أغاني وأهازيج من التراث المغربي. ويقول بلال اليعقوبي، شاب في أواسط العشرينات من العمر، إن وجبة "التاكرة"، تشكل أفضل وجبة يمكن تناولها وسط الطبيعة، فهي سهلة الإعداد من جهة، فضلاً عن الشبع الذي تشعرك به في هذا الفضاء الطبيعي الذي يبعث على الشعور بالجوع بسرعة. من جهته، يشرح عبدالإله جلوط، طريقة إعداد "التاكرة"، قائلاً: "نقوم بوضع قطع من البصل في قعر الإناء، متبوعة بقطع من البطاطس والطماطم، وكل نوع من الخضراوات والتوابل المرغوب أن تحتوي عليها هذه الوجبة، على أن يعتلي السمك جميع هذه المواد الغذائية، ثم بعد ذلك يوضع الإناء فوق نار الحطب لبضع دقائق". وتقع مدينة طنجة على مساحة قدرها 863.3 كلو متراً مربعاً، ويبلغ عدد سكانها حوالي مليون و500 ألف نسمة، وتعد من أبرز الوجهات السياحية في المغرب، وتتوفر على أهم مجمع صناعي للسيارات في البلد، وأكبر وأعمق ميناء في أفريقيا.