موسيقية تمسك بآلتها الموسيقيى لتعزف على وتر الإحساس والإنسانية، أسست العديد من الجمعيات الخيرية وساعدت الكثير من العازفين الشباب حول العالم، سيكون لها الظهور الأول على مسارح أبوظبي ضمن الحفلة الموسيقية بقيادة ريكادو موتي وأوركسترا لويجي كيروبيني للشباب والتي تقام على مسرح قصر الإمارات كجزء من برنامج مهرجان أبوظبي، إنها عازفة الكمان الألمانية الأشهر آن صوفي موتر. وتعد آن صوفي موتير إحدى ألمع وأمهر عازفات الكمان، والتي أنطلقت بمسيرتها الفنية العالمية كعازفة كمان منفردة في عام 1976 خلال مهرجان لوسيرن، وتألقت في مهرجانات عالمية رفقة أفضل قادة الأوركسترا في العالم، حتى حصلت على العديد من الجوائز الموسيقية لتميزها، وسجلت عدة إسطوانات لها.  تؤمن آن في أن الفن والموسيقى رسالة إنسانية قبل أن تكون إحتراف، وهذا ما عبرت عنه بكثير من الشفافية خلال حوارها الخاص مع "أنا زهرة". كيف كانت بداياتكِ؟ ومتى قررتِ إحتراف العزف؟ بدأت بعمر 5 سنوات، وكنت شخصاً عنيداً حقاً، لذا قررت أن أكون موسيقية بعمر السادسة، ويعود الفضل إلى أسرتي التي أعتادت على سماع الموسيقى كثيراً في البيت، فكانت الموسيقى الكلاسيكية والجاز جزءاً من حياتنا اليومية الطبيعية. لأي مدى كرست حياتكِ للموسيقى للوصول إلى مرحلة الإحتراف؟ يحق للمرأة في مجتمعاتنا الإختيار وتقرير مصيرها منذ الصغر، فهي إما أن تجلس في البيت وتكون مسؤولة عن عائلتها فقط، أو أن تكون سيدة صاحبة مهنة وإحتراف، بالإضافة إلى تحملها مسؤولية البيت كأم، كما هي حالتي، فأنا أم وحيدة من بعد أن توفي زوجي عندما كنت بعمر 33 عاماً، وكان عمر إبني 3 سنوات حينها، مع ذلك كان علي الإستمرار بمهنتي وإختصاصي، وهي التي ساعدتني في عدة مراحل صعبة في حياتي لتجاوز أزماتي. فالموسيقى مكنتني من التواصل مع الناس في أوقاتي الحرجة، كما أستطعت من خلالها مساعدة الناس في حالات اليتم والحاجة في أجزاء من أوربا. وبالنسبة لي أن الموسيقى هي طريقة للوصول إلى الناس، لذا فأنا أعتقد أن المرأة قادرة على فعل ما تريد إن أرادت تحقق ذلك فعلاً، كما أن الأحلام والإرادة أمران مهمان جداً. ما هو دورك من خلال أطلاق"مؤسسة آن صوفي موتير" عام 2008، لتعزيز دور الشباب للإرتقاء بمهاراتهم الموسيقية، وإلى أي مدى نجحت من خلال مؤسسة "أصدقاء آن صوفي موتير" على حل المشاكل الطبية والإجتماعية التي أنتشرت في عصرنا، بالإضافة إلى رعاية حالات ذوي الإعاقة الذهنية وأقربائهم؟ قبل حوالي 17 عاماً مضت، بدأت بإنشاء مؤسسة للموسيقيين الشباب، ذلك لإعتقادي بأن الموسيقيين، فهم سفراء يقدمون لغة توحدنا جميعاً، حيث يمكننا الإلتقاء في درجة من الإحترام والتفاهم وتبادل جذور الثقافة. فالموسيقي ليس مجرد شخص متمكن من مهاراته التقنية في العزف، وإنما هو ممثل لفنه وعامل أساسي لبناء جسر بين الثقافات. ولهذا أنا جد مبهورة ومتحمسة لبرامج مهرجان أبوظبي للفنون، ذلك لأني أرى في فترة نجاح بدأت منذ 12 عاماً، تمكنوا من خلالها على التركيز على التعليم من خلال الفن، وإدخال الموسيقى والفن إلى أماكن إجتماعية عامة مثل المستشفيات والمدارس، وهذا ليس أمراً سهلاً، وهو دليل على أن مكان الموسيقى ليس فقط  في رفاهية زيارة الحفلات الموسيقية الكلاسيكية، وإنما ممكن أن تصل إلى الناس في كل مكان وتخاطبهم مباشرة وتكون وسيلة للإلتقاء والتفاهم، وبالتالي العمل على المشاريع الإنسانية بشكل أكثر فعالية وتأثير. ما الذي ستقدمينه مع الأوركسترا أثناء الحفل الموسيقي لأبوظبي؟ عملت مع قائد الفرقة ريكادو على إختيار معزوفات لبيتهوفن، وقد أخترنا بيتهوفن أكثر من أي مؤلف موسيقي آخر، لكونه الأكثر تحدياً وإصراراً في التاريخ الموسيقي الغربي، فهو يجسد روح الأخوية، خاصة في السمفونية التاسعة. وبتهوفن كونه أصيب بالصمم وهو شاب، أستمر بتأليف الموسيقى، فهو مثال كبير للتحلي بالإصرار وليس الإستسلام لليأس، كما أنه حمل رسالة أن يكون الإنسان أفضل وجعل العالم أفضل. ويجدر الذكر بأنه كان قد جمعتني العديد من الأعمال الفنية مع ريكادو منذ أكثر من 40 عاماً، وهو القائد للفرقة السمفونية في شيكاغو الآن. كيف يمكن أن تكون الموسيقى أكثر قرباً من الأطفال؟ أنا أؤمن بأن علينا أعطاء الأطفال "باليتة" ألوان أكبر لإختيار ما يهمهم من مهارات وهوايات، والعمل عليها بشكل جدي. وبالفعل فأن الموسيقى ليست متاحة للكثيرين، فهي ليست شيئاً يمكن تعلمه من التلفاز أو من المناهج المدرسية التي ليست بالمستوى المطلوب، حتى في بلداننا الغربية. وهذا ما جعل تعلم الموسيقى في برج عاجي بالنسبة للأطفال، والذي بالحقيقة ليس مكانها الصحيح، لأسباب أولها أننا جميعاً لنا القدرة على العزف، وثانياً، أنها هواية عظيمة كحال الرياضة، وربما هي أفضل منها، ذلك أنك لا تتنافس مع أحد لتفوز عليه، بل أنك تمارس العزف مع فريقك لجعل المعزوفة أجمل وللإستمتاع بها. هل الموسيقى تهذب من الشخصية وتجعلها أكثر حرصاً على الدقة والإتقان؟ لا أستطيع القول أن الموسيقيين هم أكثر دقة من غيرهم، ولا حتى أنهم منضبطين أكثر من غيرهم، لكنهم قادرين على التركيز (حالما تطلب الأمر) بطريقة عالية جداً. وما أراه في الموسيقيين (وخاصة الجدد منهم) هو قدرتهم على التعاون والتجانس فيما بينهم، ولأن التواصل في هذا العالم هو المفتاح للعيش معاً بطريقة متناغمة. متى وجدت نفسكِ قد وصلتِ إلى أفضل مراحلكِ الإحترافية؟ عندما تعتقدين أنك وصلت إلى جميع أهدافكِ التي ترومين الوصول إليها، فأعتقد أنك أخترت أهدافاً متواضعة وبسيطة، صحيح أنني أردت أن أكون موسيقية وأنا بعمر 6 أعوام، لكن لاحقاً علمت أن الموسيقى هي ليست مجرد تعلم مهارات الموسيقيى وإتقانها، بل كونها أمر ينفع المجتمع، وأنا بعمر الخمسون الآن وأعلم ماذا أريد، لكن مفهومي للحياة معقد بعض الشيء مثل قطعة موسيقية معقدة، لطالما كان فيها الكثير من الجمال، وكذلك العمق، فأنا أريد أن أعمل أكثر وآمل أن أشهد المزيد من اللحظات الرائعة في حياتي.