«إنّ السياسة هي خبزنا اليومي الذي لا يمكن إبعاد المرأة عن المشاركة فيه، لكن علينا أن نعي جيداً أن المشاركة السياسية للمرأة ليست هدفاً في حدّ ذاتها، بل هي وسيلة أخرى لخدمة وطنها» هذه المقولة، فائقة العمق.. جلية المعنَى، التي وردت على لسان سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة «الاتحاد النسائي العام»، الرئيس الأعلى لـ«مؤسسة التنمية الأسرية»، رئيسة «المجلس الأعلى للأمومة والطفولة»، إنما تعكس بوضوح المنهاج الطموح والأسلوب الرَّصين الذي تنتهجه «أم الإمارات» في تعاطيها مع ملف التمكين السياسي للمرأة الإماراتية، إذ إنّ سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، ومن خلال دعم سموها الكامل لانخراط ابنة الإمارات في ميدان العمل السياسي، ورعاية سموها سلسلة من برامج التأهيل السياسي للمرأة، وهي البرامج التي أسهمت في تدريب وتأهيل وتخريج آلاف الكوادر النسائية الإماراتية المؤهَّلة لخدمة وطنها في ميدان العمل السياسي، كانت، ولا تزال، تؤكد أن مشاركة ابنة الإمارات في مراكز صنع القرار بمختلف فئاتها، لا تأتي من باب التحدي أو التنافس مع الرجل، بل من منطلق التعاون والتكامُل والعمل المشترك. وأن دخول المرأة ميدان العمل السياسي يشكل جزءاً من معايير تقييم الأداء التنموي للدول، وهي المعايير التي تحرص دولة الإمارات العربية المتحدة على التميُّز فيها. من الجدير بالذكر أنّ ملف التمكين السياسي للمرأة الإماراتية ليس شديد الحداثة، إذ إن عمره يُقارب عمر قيام دولة الاتحاد، وذلك عندما قام المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (طيَّب الله ثراه)، نصير المرأة الأول، باختيار الدكتورة عائشة السيار عام 1973، كأول وكيلة وزارة، كما جاء التشكيل الوزاري في الأول من نوفمبر عام 2004، مُتضمّناً تعيين أول وزيرة في تاريخ دولة الإمارات، وهي معالي الشيخة لبنى القاسمي، وزيرة للاقتصاد آنذاك. ووصولاً إلى عام 2015، حيث أصبح لدى دولة الإمارات أربع سيّدات يحملن حقائب وزارية، هنّ: معالي الشيخة لبنى القاسمي، وزيرة التنمية والتعاون الدولي، ومعالي مريم الرومي، وزيرة الشؤون الاجتماعية، ومعالي ميثاء الشامسي ومعالي، ريم الهاشمي وزيرَتا دولة، كما تتولى سعادة نجلاء العور منصب الأمين العام لمجلس الوزراء، منذ مارس 2006. أما في ميدان العمل الدبلوماسي، فإنّ دولة الإمارات قطعت شوطاً كبيراً على صعيد تمكين المرأة، وذلك بتعيين ثلاث سفيرات للدولة في الخارج، لدى كل من السويد وإسبانيا ومونتينيجرو «الجبل الأسود»، ومندوبة دائمة لدى الأمم المتحدة، إضافةً إلى قنصلتين عامتين في هونغ كونغ وميلانو. وفي إطار توسيع دائرة المشاركة السياسية للمرأة، كانت ابنة الإمارات على موعد مع خوض الاستحقاقات الانتخابية لعضوية البرلمان، ترشُّحاً وانتخاباً، وذلك للمرّة الأولى في عام 2006، عندما قام صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة (حفظه الله)، بمنح المرأة حق المشاركة في الانتخابات البرلمانية، وقد تكلّلت تجربتها الانتخابية الأولى بالنجاح، من خلال نسبة مُشاركة بلغت 22.5 في المئة من مجموع أعضاء المجلس الوطني الاتحادي، في الفصل التشريعي الرابع عشر (2006 - 2010)، حيث تمكنت ابنة الإمارات مِن شغل 9 مقاعد من أصل 40 مقعداً في المجلس. وبذلك يكون عام 2006 قد شهد تشكيل أول مجلس نيابي بمشاركة المرأة. في حين شهد عام 2011 تشكيل ثاني مجلس نيابي شغلت فيه المرأة 7 مقاعد. ومواصلةً لمسيرة الطموح والثقة الغالية التي تدعمها «أم الإمارات»، وتأكيداً على أن دخول المرأة الإماراتية ميدان العمل البرلماني لم يُحدث تأثيراً كمّياً فقط، ولكن أحدث تأثيراً نوعيّاً أيضاً، فإنّ الدكتورة أمل القبيسي تشغل منصب النائب الأول لرئيس المجلس الوطني الاتحادي. إنّ المتتبّع لجهود سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك على صعيد دعم وتشجيع مسيرة ابنة الإمارات في ميدان العمل السياسي والنيابي والدبلوماسي، يستطيع أن يقف بوضوح على تلك الرؤية بعيدة المدى التي تتبنّاها سموها، وتطمح من خلالها إلى جعل المشاركة السياسية للمرأة في دولة الإمارات مشاركة ثرّة تتّسم بأعلى درجات الكفاءة والاحتراف. ولعلّ الأهم من ذلك كلّه، أن سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك تنظُر إلى التمكين السياسي للمرأة الإماراتية، باعتباره لوناً من ألوان تكريس انتماء المواطن، رجلاً وامرأة، للوطـن.