شرع الله لنا الزواج بناءاً للأسر وتنشئة الأجيال، وشددت القوانين والشرائع على عدم التدليس في الزواج منذ البداية. وفرض اليوم في كثير من بلادنا إجراء الفحوصات الطبية على الطرفين قبل عقد القران تفاديا لأية مشاكل صحية تقع او تدليس أو كذب من أحدهما على الأخر، لكن بقيت الفحوصات كاشفة فقط للأمراض الجسدية أما الأمراض النفسية فلا تتوافر إلى اليوم فحوصات لها، ومن هنا قد تستغل بعض الأسر وبعض المقبلين على الزواج هذه الثغرة ليتم العقد والزواج وبعد أشهر معدودات تكتشف الزوجة أو الزوج ان الطرف الثاني يعالج نفسيا ويتعاطى الأدوية دون إخبار الطرف الأخر بهذا المرض وهنا تقع الكارثة وتظهر المشاكل التي قد توصلهما إلى أروقة المحاكم . وقصة الزوجة (ن) خير شاهد على هذا النوع من التدليس والذي شارك فيه حتى أهل الطرف المخادع، دون اكتراث لمشاعر الفتاة وصدمتها بعد الزواج، تقول السيدة(ن): لما تقدم لي زوجي سألنا عنه فمدحوا خلقه وصلاته وانه ميسور الحال لأنه من اسرة ثرية ،فقبلت زواجه ولكن المظاهر والغنى ليس كل شيء لقد اكتشفت أن تلك الأسرة اخفوا عنا أن ابنهما (زوجي) يعالج نفسيا من صغره وأنه لم تستقر حالته إلا من سنة ونصف فقط، فأنا كنت أراه دوما ببداية زواجنا(عقد القران) هادئا فكنت أحسد نفسي على هذا الزوج الراقي الهادئ، حتى تزوجنا وعشنا ببيت واحد لأرى الحقيقة المؤلمة ولما حملت بالتحديد بالشهر الرابع بدأت ألاحظ عصبية زوجي الزائدة وتكسيره لأثاث المنزل فكنت أفسرها بأنها بسبب ضغوط لديه بالعمل، لكنها زادت فعلى أتفه الأسباب يكسر كل شيء ويرفع صوته ويضرب ويسب، مع العلم أنها مجرد نقاشات بسيطة بيني وبينه ولمجرد أن أعترض يتصرف كالأطفال فيصرخ ويدفعني بقوة وتكرر ذلك عدة مرات وأنا حامل، وبعدها بدقائق كنت أراه يجلس يبكي ويعتذر لي وبعدها بساعات قليلة يعود لنفس التصرفات، بدأت اتشكك في أمره أن يكون مريض نفسي ، فبدأت أفتش بسيارته الخاصة –رغم علمي بأنه خطأ- لأننا لدينا سيارة عائلية ولدينا سيارته الخاصة التي لم يسمح لي بركوبها من تاريخ زواجنا بحجة أنها سيارة (اسبور) وعيب إني أركبها لأنها سيارة شبابية وأهله ربما يعاتبوه، لكني هذه المرة أخذت مفتاح سيارته وهو نائم وكانت المفاجأة حين اكتشفت تقارير طبية وعقاقير نفسية وعرفت اسم الطبيب الذي كان يعالجه مدون على التقارير، ذهبت دون علمه للطبيب الذي أنكر بالبداية معرفته بزوجي حفاظا على سمعة مريضه وحتى لا يكون سببا في طلاقي لكني لما أخرجت له صور التقارير وسألته فقط عن مدى خطورة حالته وهل يمكن الاستمرار معه؟ فال لي الطبيب : سأعتبرك بمكانة ابنتي وأرجوك لا تضعيني بموقف حرج مع زوجك واهله، فوعدته بذلك وأقسمت له . فكانت المفاجأة هي أن الطبيب حذر أهل زوجي من التسرع في تزويجه قبل أن يستكمل علاجه النفسي وتراقب حالته فترة سنتين ثم نقرر طبيا هذا الأمر. قال الطبيب: لكني فوجئت بأنهم زوجوه بل وذهبوا ليعالجوه منذ سنة عند طبيب أخر هو من زملائي حيث راجعني زميلي في حالته فأعطيته كل المعلومات اللازمة ليبدأ معه من حيث انتهيت أنا كطبيب. تقول الزوجة: خرجت من عند الطبيب والدنيا تلف بي فأنا حامل ماذا افعل وزوجي غير مستأمن نفسيا فماذا أفعل ؟ ولماذا خدعني زوجي واهله ودلسوا على في هذا الزواج؟ فكرت وفكرت وأخيرا قررت طلب الطلاق لأنقذ نفسي ومن في بطني وحسبي الله ونعم الوكيل. تعليق: هل شعرتم أعزائي القراء بمدى المأساة التي تعيشها تلك الزوجة وما السبب؟ السبب هو رغبة بعض الآباء أن يزوجوا اولادهم ويفرحوهم لكن على حساب بنات الناس وقد يغروهم بالمال والبيوت والسيارات حتى تتغاضى الزوجة المخدوعة عن عيوب المستقبل، إن من يفعل ذلك آثم .. نعم كل اب وكل ام وكل رجل يعلم ان فيه مرض نفسي ويخفى عمن يريد الزواج منها هو شخص مدلس يجب الانفصال عنه فورا خاصة لو ثبت ان المرض عميق ويشكل خطورة على من سيعيش معه. ما ذنب تلك الزوجة ؟ وما ذنب الأبناء القادمون للحياة ؟ ما ذنب تلك الزوجة ان تخدع وتتزوج ثم تطلق وهي تحمل مولودا بالشهر الرابع له حقوق وعليها واجبات تجاهه . نداء لكل من يعنيه الأمر انه ينبغي أن يكون من ضمن شروط الزواج الفحص النفسي وحتى إن تأخر تحقق تلك الاقتراحات فنحن كأباء وامهات علينا ان نطلب من شريك الحياة قبل أن يتم العقد توقيع كشف نفسي على الطرفين حتى نطمأن من خلو احدهما من الأمراض الجسدية والنفسية والعقلية . وإذا رفضت بعض الأسر فغيرهم لن يرفض لأنه حق لكلا الطرفين ان يتاكد من سلامة من سيعيش معه. وتكفينا المآسي التي نسمع بها كل يوم في زيجات تتم ثم تفشل والسبب هو عدم المصارحة من البداية والكذب والتدليس على الطرف الأخر.