مع تزايد الحاجة إلى التأكيد على اللغة والهوية العربية، تبرز كتب الأطفال كعلاج محتمل لظاهرة ابتعاد أطفال المدارس الأجنبية عن لغتهم الأم والتعبير بها بشكل صحيح. وفي تجربة حديثة للكاتبة والشاعرة التونسية إيناس عباسي، قدمت حلاً لهذه الحاجة بطريقة إبداعية من خلال إنشاء دار "النحلة الصغيرة" المتخصص بكتب الأطفال، فقد بدأت بنشر تسعة كتب للأطفال العام الماضي. تنوي عباسي إصدار سلسلة من 11 كتاباً هذا العام لإغناء المكتبة العربية بسلسلة من الكتب المنتقاة بعناية، كمحاولة لتقديم كتب غنية بالتشويق والإبتكار لتجذبهم بعيداً عن وسائل الإلهاء المتعددة من الأجهزة إلكترونية وتضع بين أيديهم كتاب. وفي حوار خاص لـ"أنا زهرة"، تعرفنا أكثر على جوانب هذا المشروع الوليد بمطبوعاته المميزة ومواضيعها الفريدة. ما السبب الرئيسي الذي دفعك لإنشاء دار نشر للأطفال، وما هي الرسالة الخاصة التي تودين إيصالها إلى الطفل العربية؟ بدأت الفكرة من رغبتي في قص حكايات لطفلتي، وكل قصة للأطفال تكتمل إبداعياً حين تكون مصحوبة برسوم طفولية محببة لعين الطفل. هكذا بحثت عن رسامة رسمت قصتي الأولى. ولأن الكلمات تضيق بأن ترصف في الدرج أو تنام في ملف "وورد". أصبحت أفكر بنشرها، وهكذا فكرنا لأول مرة، زوجي وأنا في نشر القصة ثم تفرع الحديث فأصبح حديثاً عن دار نشر صغيرة متخصصة في نشر قصص الأطفال. أما عن رسالتنا، فنحن نود التركيز في الدفعة الأولى من قصص الدار على تعزيز تقبل الذات لدى الطفل. وثلاث من قصصنا ركزت على موضوع التنمر بين الأطفال وطرحته بطريقة غير مباشرة. حالياً وفي ظل كل العواصف والأزمات التي يمر بها العالم العربي سنختار قصصاً تدعو لتقبل الآخر المختلف عناً دينياً وإثنياً وثقافياً. فأنا أعتقد بأننها بحاجة لأن نزرع ثقافة التسامح لدى أطفالنا منذ نعومة أظفارهم، أمام مشاهد العنف والقتل والحروب، ونحن لا نمتلك سوى سلاح الكلمة. هل كانت لديكِ تجارب الكتابة للطفل أو الكتابة بشكل عام؟ تجربتي في الكتابة تعود إلى أكثر من 15 سنة، بدأت بالشعر مع ديوانين "أسرار الريح" و"أرشيف الأعمى"ـ ثم عبرت نحو بوابة أدب الرحلة من خلال حكايات شهرزاد الكورية ومنها إلى القصة القصيرة من خلال مجموعة "هشاشة". كيف تعتمدين الكُتاب والرسامون في الدار؟ نتعامل أولا مع الكُتاب، فهم أساس القصة، حيث تصلنا مجموعة من النصوص لتنتقي منها اللجنة ما يناسب رؤيتنا. ثم تبدأ عملية إختيار الرسام المناسب لكل قصة. ونتعامل مع كتاب ورسامين من مختلف بلدان العالم العربي. فالإنترنت سهل كثيراً عملية التواصل بين المبدعين والناس عموماً. وهل تعتمدون ترجمة الكتب الأجنبية لنقل التجارب الغربية؟ في هذه المرحلة التأسيسية نركز على القصص العربية. وصراحة نهدف إلى فعل العكس، نريد أن نسوق قصصنا للغرب. صحيح علينا أن نترجم ثمار الثقافات الأجنبية لكن أدبنا أيضا يستحق أن ينتبه إليه الغرب أيضا. كم عدد الكتب التي تنون إصدارها سنوياً؟ وكيف سيتم تسويقها؟ ننوي إصدار عشرين قصة سنوياً كبداية، والتسويق في العالم العربي هذا موضوع يستوجب أطروحة سأكتبها ربما بعد سنوات من تجربتي الفتية في النشر. إن التسويق في العالم العربي مسألة معقدة وصعبة والعوائق التي يواجهها الناشر العربي أكثر من التسهيلات التي قد يصادفها. نلاحظ أن كتب الأطفال غير مدعومة بشكل كبير من قبل المؤسسات الثقافية بشكل عام في الوطن العربي، خاصة مقارنة بالعقدين السابع والثامن في بلدان مثل العراق ومصر ولبنان، كيف تصفين المكتبة المتاحة للطفل العربي الآن؟ ملاحظتك صحيحة! ورغم غياب الدعم من المؤسسات الثقافية إلا أنه يوجد نشاط ممتاز في مجال النشر لقصص الأطفال، ربما يعود الفضل للمسابقات الخاصة بأدب الطفل، وكذلك لحاجتنا لاثراء مكتبة الطفل العربي ففي سنة 2015 يحتاج الأطفال الى قصص بمواصفات عالمية سواء من ناحية المواضيع أو الرسومات أو إخراج الكتاب نفسه فنياً. هل تعتقدين أن بإمكان الكتاب منافسة وسائل الترفيه الإلكترونية التي تولع بها الطفل اليوم؟ أجل أعتقد هذا، إذا كانت القصة فريدة في موضوعها، وكان الرسام مبدعأ ورسم رسومات تضيف للنص وتثري الثقافة البصرية للطفل فالكتاب قادر على منافسة الألعاب الالكترونية. ما يميز الأطفال أنهم يحبون قراءة نفس القصة مراراً وتكراراً، ولذلك فالقصة الناجحة هي التي يعودون لها قبل النوم كل ليلة وليست اللعبة الألكترونية. كيف سيجد الطفل العربي كتبكم في الأسواق؟ حالياً، توجد كتبنا في مكتبات بوردرز Borders في مختلف فروعها في الامارات وفي مكتبة bookmall في القصباء-الشارقة، وفي مكتبات المنامة ومكتبة حكاية قمر في القطيف-السعودية، وستتوفر قريباً في بقية الدول العربية خاصة تونس والجزائر. وهل ستعتمدون النسخ الإلكترونية أو التطبيقات على الأجهزة الألكترونية مثل التلفونات والحواسيب؟ ندرس حالياً شراكة مع شركة متميزة ومبدعة في مجال التطبيقات وفي حال أتفقنا سيتم نشر قصصنا على مختلف الاجهزة الذكية، ونتمنى تنفيذ هذا قريباً.