تصادف اليوم ذكرى وفاة السيدة أم كلثوم التي مازالت حتى اليوم أسطورة الغناء العربي وملكته بلا منازع. كان صحفي في مجلة "لايف" الأميركية في العام 1962 قد وصف أم كلثوم، أو سومة، أو الست، بحسب ما يسميها كل عربي على طريقته الخاصة، قائلاً "في الساعة العاشرة من ليلة كل خميس أول كل شهر يحدث شيء ما غريب في الشرق الأوسط: يهدأ الضجيج في شوارع القاهرة فجأة، وكذلك في الدار البيضاء التي تبعد نحو 4000 كم إلى الغرب منها. يحدث الشيء نفسه في بغداد التي تبعد 1200 كم إلى الشرق من القاهرة. وما بين هذين الحدين الجغرافيين من بلاد عربية، يحدث الشيء ذاته، إذ يأوي الناس إلى بيوتهم في انتظار برنامج خاص يذيعه راديو القاهرة، ونجمته مغنية اسمها أم كلثوم". فاطمة إبراهيم البلتاجي، المولودة في 20 ديسمبر من العام 1898 في محافظة الدقهلية المصرية، والتي سيصبح اسمها فيما بعد أم كلثوم، حازت على أوسمة عدة منها وسام الكفاءة العسكري من المغرب ووسام الاستحقاق ووسام الأرز من لبنان ووسام نجمة الامتياز من الباكستان ووسام النهضة من الأردن ووسام الجمهورية الأكبر من تونس ووسام الاستحقاق من الدرجة الأولى من سورية ونيشان الكمال ونيشان الرافدين من العراق بالإضافة إلى أوسمة مصرية لا تكاد تحصى. كان الشاعر الفلسطيني محمود درويش قد وصف أم كلثوم في ديوانه "أثر الفراشة"، قائلاً "أستمع إلى أم كلثوم كل ليلة، منذ كان الخميس جوهرتها النادرة، وسائر الأيام كالعقد الفريد. هي إدمان الوحيد وايقاظ البعيد على صهيل فرس لا تروض بسرج ولجام. نسمعها معاً فنطرب واقفين، وعلى حدة فنظل واقفين. إلى أن تومئ لنا الملكة بالجلوس فنجلس على متر من ريح. ففي حنجرتها جوقة إنشاد وأوركسترا كاملة وسر من أسرار الله. لآهتها المتلألئة كماسة مكسورة أن تقود جيشاً إلى معركة. ولصرختها أن تعيدنا من التهكلة سالمين. ولهمستها أن تمهل الليل فلا يتعجل قبل أن تفتح هي أولاً باب الفجر". وقال أيضاً "منديلها ضابط إيقاعها، بيرق لفيلق من عشاق يتنافسون على حب من لا يعرفون. أما قلبها فلا شأن لنا به، من فرط ما هو قاس ومغلق كحبة جوز يابسة!". كثيرون كانوا قد ألمحوا إلى تنكر أم كلثوم لأفضال الملحن محمد الموجي الذي ساهم في نجاحها منذ البداية، وتحديداً حين جعلته عازفاً للعود في فرقتها بعد أن كان رئيساً لها، ما أفضى لاكتئابه ومرضه. وكثيرون قالوا بأن أم كلثوم ذات شخصية متسلطة ما جعل ملحناً مثل فريد الأطرش يرفض التعاون معها؛ لشدة ما تتدخل في عمل الملحن. وكان لأم كلثوم مع العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ خلاف طويل في العام 1964 عندما أخّرت صعوده إلى المسرح في واحدة من حفلات عيد الثورة. يومها قال حليم "شرف عظيم أن يختم أي مطرب حفل بعد أم كلثوم، ولكني لا أدري ما إذا كان غنائي اليوم شرفا أم مقلبا من أم كلثوم"، ما دفعها للإيعاز بمنعه من الغناء في عيد الثورة الذي تلاه. تضاربت الأقاويل حول زيجات أم كلثوم؛ إذ ثمة من قال أنها تزوجت من مؤسس صحيفة أخبار اليوم مصطفى أمين وأن عقد زواجها كان لدى الرئيس جمال عبدالناصر، وقال آخرون أنها تزوجت في القرية قبل الشهرة، فيما قال البعض أنها تزوجت شريف باشا صبري وهو خال الملك فاروق وثمة من قال أنها تزوجت الموسيقي محمود الشريف، ولكن المصرّح به كان زواجها من الطبيب حسن حفناوي. من بين من لحّنوا لأم كلثوم: محمد القصبجي وزكريا أحمد ومحمد الموجي ورياض السنباطي ومحمد عبدالوهاب وسيد مكاوي وكمال الطويل، ومن الشعراء الذين كتبوا لها: صلاح جاهين والأمير عبدالله الفيصل ونزار قباني وأحمد شوقي وأحمد رامي، وأبو فراس الحمداني وعمر الخيام. أسلمت أم كلثوم الروح في العام 1975 وتحديداً في الثالث من شباط، بعد أنباء عن تدهور صحتها.