زواج من غير حب لا طعم ولا قيمة ولا بقاء له، وحب من طرف واحد أيضا جحيم واستغلال وتحكم ومرض، فالحب مطلوب بين الزوجين لأنه إكسير الحياة الزوجية. ولكن ما لا يعرفه بعض المتزوجين هو أن الحب بينهما لا بدّ أن يكون متوازنا متعقلا متبادلا، فكما أنك لو أفرطت بالطعام قد تتعب وتمرض كذلك الحب الزائد من دون توازن وتبادل بين الطرفين بالمشاعر قد ينقلب إلى إدمان أو مرض مزمن يجعل المحبوب متسلطا متعاليا ويحس بأنه الأفضل على الإطلاق، بل قد يخون شريك الحياة الذي يحبه لأنه يعلم أن المحب سيغفر له أي شيء حتى الخيانة لضمانه أنه يحبه ولا يستغني عنه. وهذا ما تعرضت له الزوجة صاحبة المسألة. تقول الزوجة (م): أحببته وأحبني لدرجة الجنون لكن حبي له كان أكثر، أرافقه بكل شيء أساعده بكل شيء أحرم نفسي النوم والطعام والراحة حتى ينعم هو وأولادنا وكان يبادلني ذلك الحب لعشر سنوات، لكني اليوم ومنذ عامين أشعر بأنه تغير بدأت مشاعره تبرد تجاهي أشعر وكأنه مل من حبي الذي عودته عليه، وكانت الطامة الكبرى عندما اكتشفت أنه يخونني ويكلم غيري بل ويرسل لها قصائد حبي ورسائلي الغرامية التي كنت أرسلها له طوال أعوام زواجنا الماضية. يا سيدي: أنا ما زلت احبه وأخشى أن أواجهه فأخسره فربما توقف قلبي إن تركني أو تزوج غيري لن أستطيع تحمل تلك الصدمة، هل أنا أخطأت عندما أعطيت بلا حدود؟ هل حبي الزائد له مرض؟ لماذا خانني؟ رغم أنه ما زال يحاول إظهار حبه ولكن ليس كالأمس، صحيح أنه ما زال يقدر لي مجهودي وتعبي وحبي لكني أشعر أن نار الحب بدأت تخمد بقلبه يوما بعد. فهل أنا السبب؟ الجواب: نعم الحب الزائد مرض، ولا أقصد هنا أن نحرم أنفسنا من تبادل الحب بل المقصود هو عمل توازن بين المحبين فحين شعرت بأن عواطفه بدأت تبرد ابتعدي قليلا كي يأتي هو تدللي عليه كي يتحرك هو بمشاعره، لأن العطاء المستمر من جانب واحد قد يجعل الحب يصاب بالضعف، وقد يتجه شريك الحياة –خاصة لو فقد الوازع الديني- إلى التغيير بل والخيانة. يقول أحد الباحثين : " إن الحب الزائد على الحد يعني أن الطرف الآخر "المحبوب جداً" قد يستغل حب الشريك اللامتناهي له في امتلاك حرية أكبر؛ للتصرف على هواه؛ طالما أنه يعلم أنه مهما فعل فإن المحب لن يشكو أو يتذمر خوفاً من فقدان الشريك "المحبوب"، وهذا يسبب مشاكل كبيرة وكثيرة، وعلى رأسها انخفاض مستوى الاحترام للمحب؛ بسبب انعدام المساواة في الحب. والطرف الآخر "المحبوب" قد يستغل أيضاً عاطفة الحب الزائدة "للمحب" في اتخاذ كل القرارات إلى أن تتحول العلاقة إلى أحادية الجانب. وقد يصبح "المحبوب" مغروراً جداً اعتقاداً منه بأن الحب الكبير من "المحب" يعني أنه الأفضل على الإطلاق وهذا خطر كبير على العلاقة الزوجية، لأنه يمحو من خارطة الزواج الحدود التي هي من حق الآخر أيضاً. وأخطر المشاكل التي يمكن أن يتسبب بها الطرف "المحبوب" هو اللجوء إلى الخيانة الزوجية اعتقاداً منه أو منها بأن الطرف "المحب" سيتغاضى عن كل الأخطاء التي يرتكبها الطرف "المحبوب" وهذا بالضبط ما حدث معك. إذن الحل لمشكلتك أن يكون الحب حبا متعقلا بميزان وليس الحب الأحادي فتبادل الحب بميزان كتبادل الورود والهدايا يجب أن يكون من الطرفين لأنه إن لم نجعله متوازنا سينقلب لمرض. أعرف زوجة بعائلتنا كانت إذا سافر زوجها لمهمة رسمية بعمله ولو ليومين كانت لا تأكل ولا تنام وتظل باكية قلقة حتى يعود. وقد فقد الزوج كثيرا من الترقيات بسبب حالتها وارتباطها المزمن بوجوده بجوارها حتى أثر ذلك على عمله بل ظل يشتكي منها ومن قيود حبها الزائد له وكاد أن يكرهها. أيتها الزوجة الكريمة: ديننا يعلمنا التوازن بكل شيء حتى في مشاعر الحب أو الكره ، لاإفراط ولا تفريط فقد جاء في الحديث الذي رواه الترمذي وصححه الألباني: "أَحْبِبْ حَبِيبَكَ هَوْنًا مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ بَغِيضَكَ يَوْمًا مَا وَأَبْغِضْ بَغِيضَكَ هَوْنًا مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ حَبِيبَكَ يَوْمًا مَا". اقرأي أيضاً: قصة واقعية: تريده أن يتزوج عليها لكثرة المعاشرة آباء يفعلون أي شيء لإسعاد صغيراتهم