إن أردنا تعريف الحسد بشكل مبسط، فهو الشعور بالغل تجاه نعم الآخرين وتمني زوال تلك النعم. وقد أقرت جميع الديانات السماوية بوجود الحسد. ولا يقتصر الاعتقاد بوجود الحسد على بلاد الشرق الأوسط، إنما يعتقد به الكثير من الناس حول العالم. وما نود طرحه في هذا المقال هو كيفية التعامل مع هذا الاعتقاد بشكل منطقي وعقلاني فالكثير من النساء مصابات بهوس الخوف من الحسد بشكل يؤثر سلباً على حياتهن. تعالي معنا نناقش الموضوع بالتفصيل: نوافقك في الاعتقاد بوجود الحسد لأن الأديان السماوية أقرت بوجوده وقد ذكر بشكل صريح في القرآن الكريم. والحياة ليس لها وجه واحد، فكما فيها الطيب فيها الشرير وفيها من يغبط الناس على نعمهم بمحبة دون تمني زوال تلك النعم ومنهم من يحسد ويتمنى انقلاب الأحوال. وعلينا أن نتقبل هذا الواقع دون أن نملأ عقولنا بالأفكار السلبية. بشكل عام ليس من الجيد أن تكثري الحديث عن أمورك الشخصية ومشاريعك ومخططاتك فالكتمان المعقول مطلوب، فكثرة حديثك عن سعادتك قد يسبب جرح لمشاعر غيرك ممن يمرون بظروف صعبة أو يفتقدون أمراً مهماً في حياتهم. قد تتحدثين بكثرة من دون قصد عن أمور سعيدة في حياتك دون أن تعلمي أن حديثك يثير جروح مطوية في قلوب أصحابها ولا تنسي أن لكل نفس أسرارها وآلامها فالتزمي الحرص المعقول في حديثك ولتكن لكِ مساحة خاصة تحفظين بها أسرار بيتك دون مبالغة بالكتمان، واجعلي نيتك الحرص على مشاعر الآخرين وليس الخوف من حسد الناس ولا تتسرعي بظن السوء فليس كل إنسان حسوداً بل إن الحياة مليئة بالطيبين. ولا تنسي أن النية هي عمدة الأحكام فلتكن نيتك خيراُ. لا تكوني ممن يبالغوا في الخوف من الحسد فبدل أن يشعروا بالنعم التي أعطاهم الله إياها نجدهم يترقبون حسد الناس وخسارة تلك النعم. وماهذا من حسن الظن بالله من شيء وما هكذا يكون الحرص على النعم إطلاقاً بل هذا يعد تطير وتشاؤم وترقب للسوء. نوافقك بضرورة الحرص على عدم إثارة حسد ونقمة الناس إنما لا تبالغي في الحرص والقلق فتصبحي متشائمة وسيئة الظن بالناس. هناك فئة استفزازية من النساء اللائي يخافون بمبالغة شديدة من الحسد فتجدهن يتكتمن على أمور لا يمكن كتمانها بطريقة تجرح من حولهن. فمثلاً تخفي المرأة على صديقتها المقربة لها وأقرب الناس إليها خبر حملها ليتفاجئوا بمعرفتها حاملاً بعدما تظهر علامات الحمل عليها ويتضح لهم أنها كانت تخفي الخبر عامدة متعمدة لكي لا يحسدها أحد وكأنها تقول لهم مباشرة أنا أظنكم حاسدين وأخفي أخباري السعيدة عنكم. وهذا يعتبر من سوء الأدب مع الناس خاصة المقربين الذين تحتك بهم ولا مجال لإخفاء الحقيقة عنهم. كما أن المبالغة في الخوف من الحسد قد تقلل من قيمة الإنسان لأنه يتبائس ويحاول إخفاء نعم الله عليه وهذا خطأ بالتأكيد (وأما بنعمة ربك فحدث). الوسطية دائماً هي أفضل الحلول فلا شك أن المبالغة في الحديث عن النعم قد يجلب نقمة البعض ولو من دون قصد وبالعكس فالمبالغة بالكتمان على الأمور يعد من سوء ظن بالناس ويسبب بجرح شعور الآخرين. المهم في الموضوع أن نفكر دائماً بشكل عقلاني ومنطقي وألا نسمح لأي فكرة سلبية بالسيطرة على تفكيرنا. ولا شك بأن الخوف من الحسد قد يتحول إلى هاجس مسيطر على عقول الكثير من الناس وخاصةً النساء فتجدهن دائمات الاعتقاد بأن الحسد هو العثرة التي تحول بينهن وبين الحظ السعيد ويبررن أي إخفاق بالحسد دون التفكير بأي أسباب منطقية أخرى. الإيمان الراسخ وقوة اليقين برحمة الله والتفاؤل يجعلنكِ قادرة على تجاهل المعتقدات السلبية التي إن رسخت في ذهنك سوف تسبب لك الشعور بالقلق وتجعلك مترقبة للسوء، لذلك ننصحك يازهرتنا بألا تجعلي الخوف من الحسد هاجس يؤرق حياتك والتزمي الأذكار الشرعية المحصنة دون اللجوء إلى الشعوذات والتمائم وحافظي على النعم بشكر الله عليها وحسن التصرف فيها واستمتعي بحياتك بنفسية مطمئنة متفائلة مصرة دائماً على تحقيق السعادة.