يعرفها الجميع باسم "أم عبدو"، وهكذا يناديها المصابون والمرضى في حلب. الطبيبة السورية التي تذهب إلى أي مكان تسمع أنه تعرض للقصف حاملة ما تستطيع وماتملك وماتعرف، لتمد يد العون لمن يحتاجها. في مثل هذا القصف الذي تنقذ فيه حياة البعض وتفشل مع البعض، فقدت أم عبدو زوجها وابنها، تقول لصحيفة "الجارديان" البريطانية "لم تعد المستشفيات مكاناً آمناً ، البراميل تنهمر على كل المباني أطنان من المفتجرات تسقط على رؤوس المرضى والمصابين". وتضيف "حملتُ السلاح واستخدمته هنا، ثم حملت أدوات الإسعاف وقمت بعلاج الجرحى والمصابين". أحيانا تضطر أم عبدو للزحف على الأرض وترتدي ملابسها السوداء إلى جانب ثلاثة من عمال الإغاثة المنهكين الذين كانوا يرتدون الملابس الخضراء، محاولين جميعاً تقديم المعونات الطبية والعلاج اللازم لضحايا قصف النظام على البلدة القديمة في حلب. أما جريدة "الغارديان" فتصف في تقريرها الحال في مدينة حلب بالقول إن "كل أشكال التناقض تتجه إلى الاختفاء في هذا الصراع بسوريا، بعد أن أصبح الموت يأتي من السماء، حيث لا يمكن للبراميل المتفجرة أن تميز بين الضحايا". وتحمل الطبيبة السورية في ذاكرتها قصة بالغة الحزن، فابنها يوسف قضى في قصف بالبراميل المتفجرة التي ألقى بها النظام على المدينة قبل ثلاثة أشهر فقط، بينما كان يوسف يستقل حافلة عمومية صغيرة وهو في طريقه إلى أحد المستشفيات في الشطر الشرقي للمدينة، حيث انتهى الهجوم بمقتل 35 شخصاً بينهم يوسف الذي لم يعد ممكناً العثور على جثمانه بعد أن تسببت البراميل بحفرة عميقة في الأرض. وتقول أم عبدو وهي تجلس في زاوية غرفة مظلمة بمنزلها في حلب: كان ذلك اليوم هو الأسوأ في حياتي. ويجلس إلى جانبها ابنها عبدالله، الذي نجا من الهجوم ذاته، قائلاً: كنا نتشارك نفس السرير أنا ويوسف طيلة 17 عاماً، فعلنا كل شيء معاً، كنا نلعب، ونحلم، وكبرنا معاً.. أما هو فذهب الآن، ماذا أستطيع أن أقول أنا؟ وتصف جريدة "الغارديان" غرفة نوم أم عبدو بالإشارة إلى أنها تضع ثلاثة دمى على وسادة نومها لتستأنس بهم مع من تبقى لها من أطفالها في شقة صغيرة. وتضع على سريرها سلاحاً تدافع به عن نفسها، إضافة إلى معدات وأدوات طبية لتقديم العلاج لمن يحتاجه من الضحايا. اقرأي أيضاً: روان من درعا إلى الأردن..وتعمل بـ5 دنانير أسبوعياً لقطات من منتدى الرائدات