حين أعود في الذاكرة لما قبل الستة أعوام الماضية، أجد هوّة شاسعة بين ما كنت عليه وما أنا فيه الآن. قبل زواجي وإنجابي ثلاثة أطفال جميلين: جمال وجلال ونضال، كان لديّ هامش حرية واسع في الحركة. كنت أذهب لعملي وأستمر فيه حتى يوشك المساء على الحلول، ومن ثم أذهب برفقة الصديقات لأماكن عدة على رأسها السينما. الذهاب للسينما كان واحداً من أجمل أنشطتي الترفيهية التي أقوم بها، ولذا كنت على اطلاع تام ومواكبة مستمرة لآخر ما تطرحه السينما العالمية من أفلام، وما كنت أبحث عن بدائل لرؤية هذا النتاج السينمائي، بل كانت السينما هي خياري الوحيد. حتى حين كنت أسافر في سياحة تستمر لأيام لدول أخرى كنت أجعل زيارة دور السينما هناك على رأس أولوياتي؛ ذلك أني كنت أعقد مقارنة فيما بينها، من حيث السعة والمقاعد وجودة الصوت والصورة التي تحققها عند عرض الفيلم، كما أن أفلاماً معينة تتناول ثيمات جدلية لم تكن تعرض في دور السينما العربية ما يجعلني أبحث عنها عند زيارة مدن عالمية أكثر انفتاحاً. منذ أنجبت، بات الأمر مستحيلاً. تركت عملي السابق، والتحقت بوظيفة من البيت، وبالكاد أجد وقتاً لمحادثة أمي عبر الهاتف أو لزيارة الجارات. ولعل أكثر ما أفتقده هو مشاهدة السينما. حاولت إيجاد بدائل للأمر، لا سيما في ساعات المساء. ثمة صديقات اقترحن عليّ شراء أقراص الدي في دي التي تنتشر في محال عدة. هرعت لتلك المحال، واشتريت كمية كبيرة منها. في البدء، كان الأمر مقبولاً قليلاً. لكن العيوب بدأت تتكشف مع تكرار المشاهدة؛ ذلك أن هذه الأفلام قد مرّ عليها أشهر طويلة، وكثير منها لا يُذيّل بترجمة، كما أن درجة نقاء الصوت والصورة ضعيفة في مرات. فكرت في حل مناسب، أرشدني إليه زوجي وهو شراء سماعات خاصة من شأنها جعل الصوت أوضح. وبالفعل قمت بشرائها، غير أن مشكلة نقاء الصورة بقيت قائمة، على الرغم من كون تلفازي على درجة متقدمة من التكنولوجيا وجودة التصنيع. كانت زميلة سابقة في العمل قد تحدثت أمامي ذات مرة عن خدمة طلب الأفلام عبر التلفاز. حديثها أشعرني في ذلك الحين بأن الثمن باهظ مادياً، وبأن هذه القنوات تحتاج لتكنولوجيا خاصة في تركيبها وبأن الأمر ليس بالسهولة التي يتخيلها البعض. فكرت بالأمر واستشرت زوجي، الذي تمكّن من الحصول على المعلومات اللازمة من زملائه في القسم التكنولوجي في الشركة. كان الخيار الذي تم طرحه هو قناة اسمها OSN والتي لا تتوقف عن عرض الأفلام والمسلسلات على مدار الساعة، وبجودة عالية. وفّرت لي هذه القناة خياراً مريحاً في ظل وجود أطفالي. أختار التوقيت المناسب للمشاهدة وفقاً لنومهم، كما أتحكم في تعليق المشاهدة لمدة معينة إن استيقظ أحدهم مصادفة. وبتّ كذلك الأمر أتابع آخر الأفلام التي تطرحها دور السينما العالمية، لأطلبها بسهولة من القناة التي توفرها فوراً، وبجودة عالية من حيث الصوت والصورة. أن تكوني أماً أمر ليس بالسهل. عليكِ تهيئة الظروف كلها وفقاُ لطبيعة أطفالك وجدولهم اليومي في الاستيقاظ والنوم ومواعيد الأكل واللعب. والأهم من هذا كله ألا تكوني متذمرة؛ كي لا تبثي طاقة سلبية تؤثر عليهم وعلى زوجك. كل ما عليكِ هو البحث عن بدائل مناسبة وتطويعها لتناسب وضعكِ الجديد. اقرأي أيضا: “أحب روزي” فيلم رومانسي وكوميدي في صالات دبي فيلم عن عنف النساء والعلاقات الخاصة