يمثل قرار اختيار شريك الحياة لحظة مهمة في حياة كل شاب وفتاة. وفي عصرنا الحالي، بلغت حرية الطرفين بأن يختار كل منهما من سيشاركه المستقبل من دون تدخل الأهل أو العائلة كما كانت التقاليد والعادات منذ زمن مضى. وفي وقت يفتخر فيه بعض الآباء بخيار أبنائهم، هناك فئة أخرى ترى في خيار ولدها دافعاً لها للتدخّل لقطع العلاقة قبل أي إرتباط رسمي بسبب اعتبارها أنّ المرأة التي اختارها ليست مناسبة، مما قد يجرّ مشكلات وكوارث حقيقية ستؤثر حتماً في الأولاد الذين يأتون ثمرة هذا الزواج. نعم، قد يقف الأهل ضد خيار ولدهم (أو ابنتهم) إذا أراد الزواج بمن لا يرضون عنها. وفي أحيان كثيرة قد يكون صعباً على الشاب أن يتزوّج امرأة ضدّ إرادة أهله، خصوصاً إذا كانوا من المعيلين له وغالباً ما يكون اتخاذ قرار مماثل مستحيلاً عليه. فما الحل؟ يشير اختصاصيّو الطب النفسي إلى أنّ الأصل في اختيار شريك المستقبل يبقى لصاحب الشأن نفسه سواء كان شاباً أم فتاة، ويجب ترك كل طرف يتحمّل مسؤولية خياره الشخصي. إلا أنّ الخبراء شدّدوا على أنّه ينبغي للأهل تحضير الأبناء لهذه اللحظة، مع تقديم بعض الإرشادات حتى تتسع نظرتهم إلى الحياة، وتعريفهم إلى مفهوم الزواج والارتباط. ويجب تنبيههم إلى أنّ الحياة الزوجية تعتمد على أساسيات كثيرة يجب أن تؤخذ في الاعتبار منها تحمل المسؤولية في كل شيء وكيفية التفاعل مع الحياة والمجتمع. ويرفض استشاريو التنمية البشرية تقبل أي خطأ قد يقع فيه الأهل عن قصد في الكثير من الأحيان كإجبار الشباب من الجنسين على الزواج أو إقناعهم بالإرتباط بفلان أو علان لأنّهم يريدون ذلك. وحتى لو أخطأ الأبناء في الاختيار، ينصح أهل الخبرة الآباء بعدم إهانة الأولاد أو خدش كرامتهم مع أهمية النقاش والحوار وإلا إستشارة من هم خارج دائرة الأهل والإفادة من رأيهم للوصول إلى برّ الأمان. وبين هذا وذاك، لا بد من التأكيد على أهمية فترة الخطوبة لما قد تكشفه من تفاصيل قد لا يراها الشريكان في بعضهما إلا مع كثرة اللقاءات بين أفراد الأسرة كون الزواج مؤسسة أسرية تقوم على العلاقات التي يكون أساسها التفاهم والتقارب بين الطرفين، مع التركيز على ما أثبتته الدراسات الحديثة بأنّ الإنسان لا يختار شريك حياته بشكل عشوائي، بل يبحث عن شبيه له من الناحية الجينية، ويميل إلى الزواج ممن يتشابه معه من حيث العرق وحجم الجسم والشكل.