جزيرة مايوت من إقاليم ما وراء البحار الفرنسية. ومنذ عهد طويل تباع المأكولات الفرنسية الشهيرة من قبيل خبز الباجيت والجبن الأزرق في ربوع الجزيرة الواقعة في المحيط الهندي بين مدغشقر وموزمبيق. وتُعد هذه الجزيرة بمثابة جنة طبيعية تنبض بداخلها روح أفريقية. يبدأ النهار في بلدية "كاني كيلي" بالأصوات العالية لقرود "التارسير" الصغيرة جداً والتي تسكن أحراش الخيزران وأشجار جوز الهند. ويقول أوليفير، ابن الثلاثين ربيعاً والذي يعمل كمدرب غوص بجزيرة مايوت منذ ست سنوات، :"هذا أمر مختلف عن أصوات آلات التنبيه المثيرة للأعصاب التي يطلقها الباريسيون أثناء التكدس المروري في الصباح الباكر". ويتابع أوليفير وهو ينظر إلى البحر :"لقد عملت بأماكن رائعة حول العالم، ولكن مايوت تُعد بمثابة جنة بالنسبة لي". ومع أوليفير حق في رأيه هذا، حيث  حبا الله جزيرة مايوت بطبيعة خلابة تأسر الألباب. وتبلغ مساحة جزيرة مايوت الإستوائية 376 كيلومتر مربع فقط، وتضم الجزيرة بحيرة أكبر من مساحة اليابسة بأكثر من ثلاث أضعاف، حيث تبلغ مساحتها 1200 كيلومتر مربع، وهي واحدة من أكبر البحيرات في العالم ومحاطة بحاجز ضخم من الشعاب المرجانية. وفي البحيرة تزاحم أسماك "المهرج" ذات اللون الأحمر المائل للبرتقالي أسماك "الجراح" وأسماك أبو الشص المسماة أيضاً بـ "شيطان البحر" ذات الوجه المتجهم. وتمتاز مياه البحيرة بصفاء شديد بحيث يمكن رؤية الأرض أثناء القيام بالسنوركلينغ على عمق يصل إلى 30 متر. ويعمل أوليفير، المنحدر من إقليم بريتاني الفرنسي، في فندق Jardin Maoré، وهو عبارة عن فندق صغير يطل على شاطىء N'Gouja الذي  يمتاز برماله البيضاء الدافئة. ولا يُعد هذا الشاطىء مقصداً لعشاق الاستحمام في مياه البحر وهواة حمامات الشمس فحسب، بل "للسلحفاة البحرية الخضراء" أيضاً التي تستوطنه في الفترة من حزيران/يونيو إلى تشرين أول/أكتوبر. وتأتي السلاحف، التي يمكن أن يصل حجمها إلى حجم غطاء بالوعة، إلى هذا الشاطىء لتضع بيضها. وتضع إناث السلاحف في الحفر العميقة، التي لا يصعب تمييزها، ما يصل إلى 100 بيضة في حجم كرة التنس. ويتزامن موسم وضع البيض مع ذروة الموسم السياحي، غير أن هذا الأمر لا يمثل مشكلة في جزيرة مايوت؛ حيث إن الشاطىء ما زال غير مكتظ بالكراسي الشاطئية. ولا يعرف سوى عدد قليل من السياح طريق الجزيرة الصغيرة الواقعة في المحيط الهندي والتي تحمل بكل فخر واعتزاز لقب الإقليم 101 ضمن أقاليم ما وراء البحار الفرنسية منذ نيسان/أبريل 2011. وتضم الجزيرة بين أركانها مطاراً صغيراً، ويوجد بها عدد قليل من الشوارع والفنادق؛ إذ أن مايوت لا تستهدف السياحة الوافدة بأعداد كبيرة. وتضع رابطة الشركات السياحية بجزيرة مايوت، السياحة الهادئة المعتمدة على الأفراد الأثرياء نصب أعينها. ونظراً لأن الطريق إلى الجزيرة ما زال بعيداً؛ فإن جزيرة مايوت التي تتألف من الجزيرتين الكبيرتين « Grande Terre» و «Petite Terre» وعدد كبير من الجزر متناهية الصغر ما زالت تُعد مقصداً للسياح الذين تستهويهم الرحلات الفردية إلى الأماكن البعيدة. وفي جزيرة مايوت يستطيع السياح معايشة الطبيعة عن كثب؛ فعلى سبيل المثال يمكن أن تتبدى للسياح أثناء السباحة في البحر ثمرة جوز هند هنا أو هناك، والتي يتبين لهم في النهاية أنها ليست ثمرة جوز هند، وإنما رأس قصيرة ومقوسة بشدة لسلحفاة بحرية. وتعتبر منطقة Pointe de Saziley الواقعة في الجنوب من أجمل المناطق ذات الطبيعة البِكر بالجزيرة؛ إذ لا توجد هنا قرى أو شوارع، وإنما دروب تجول تمر عبر أشجار التاكاماكا وزهور الأوركيد البرية وأشجار التيوليب وأشجار الباوباب والتي تتدلى من أغصانها الخفافيش الضخمة المنحدرة من جزيرة سيشيل وهي مقلوبة الرأس. ومن وقت لآخر تفوح الروائح الذكية لنبات الفانيليا وزهرة "يلانج يلانج" والتي تم استخلاص أسانس العطر الكلاسيكي الشهير Chanel N° 5 من زهورها. ولهذا السبب تُسمى مايوت بجزيرة العطور. ومنذ عام 1841 تعيش مايوت تحت العلم الفرنسي، حيث باع السلطان "أندريان سولي" آنذاك الجزيرة التي كانت معقلاً سابقاً للقراصنة إلى فرنسا. وعندما اختار سكان جزر القمر الاستقلال في الاستفتاء الذي أُجري عام 1974، صوت سكان مايوت للبقاء تحت سلطة فرنسا. ومع ذلك، تحمل الجزيرة بداخلها روحاً أفريقية، حتى وإن كان العلم الفرنسي يزين واجهات المباني، والسيارات تحمل لوحات فرنسية، ومتاجر السوبر ماركت بالعاصمة "مامودزو" تبيع الجبن الفرنسي الشهير مثل الجبن الأزرق وجبن كانتال، والمخابز تبيع المخبوزات الفرنسية الشهيرة مثل خبز الباجيت والكرواسوه بأسعار تضاهي أسعارها في باريس. وإلى يومنا هذا ما زالت صورة الشارع تتألف من نساء يرتدين الزي الشعبي للجزيرة المعروف باسم "شيروماني"، وهو عبارة عن رداء ملفوف على الجسد، ويضعن ماكياج مستخلص من معجون خشب الصندل ذي اللون الأصفر الباهت، ورجال يرتدون الزي الشعبي المعروف باسم "البُرنس"، وهو عبارة عن معطف واسع ذي قلنسوة وكوفية وغطاء رأس مطرز والذي يشتهر به المسلمون الأفارقة.