مقال بقلم الصديقة يارا قضاة من الأردن حظيت مؤخراً بمقابلة عمل في إمارة دبي، بحكم خبرتي التي تزيد على الثمانية أعوام في قطاع التمريض. لشدة ما جذبتني تلك الفرصة الوظيفية، سافرت على تكلفتي الخاصة. كان طيف الاختيارات واسعاً؛ إذ تحرص جل خطوط الطيران العربية والعالمية على تأمين رحلة إلى دبي، بشكل يومي، إن لم تكن أكثر من رحلة في غضون ساعات. أكثر ما واءم ميزانيتيّ كان طيران ناس الذي حجزت على متنه في الذهاب والإياب، وحين وجدت الخدمات المقدمة تنافس تلك الموجودة على خطوط تطلب مبالغاً أعلى، شعرت بأن التوفيق حليفي في هذه الرحلة، منذ البدء. كانت المقابلة الوظيفية في اليوم الأول من وصولي. بل إني وضعت أمتعتي في فندق غروسفينور دبي، ويممت وجهي سريعاً نحو الشركة التي أُعطيت عنوانها مسبقاً. لم تستغرق المقابلة بامتحاناتها أكثر من ساعتين، ليتبقّى لي ثلاثة أيام لاستكشاف الإمارة. أول ما طلبت من سائق التكسي أن يوصلني إليه كان برج العرب عند شاطئ الجميرا. كنت قد شاهدت البرج الأنيق الشاهق، من الداخل والخارج، عبر الفضاء الإلكتروني، مراراً، لكنني هذه المرة كنت أتوق لرؤيته على أرض الواقع. المشهد بجوانبه كلها كان ساحراً؛ إذ التصميم المعماري البديع في قلب الموج، والفخامة العصية على الوصف في ردهات البرج من الداخل، كانت تجربة فريدة أجزم أنها لن تتكرر في مكان غير ذلك المكان. تناولت عشائي ليلتها في منطقة "داون تاون دبي"، التي تضم برج خليفة، أطول برج في العالم، كما استمتعت بعروض نافورة دبي الساحرة التي كانت صديقتي قد صوّرتها لي مسبقاً عبر الفيديو، لأمضي بقية الليلة في جنبات دبي مول، المصنف كأكبر مجمع تجاري على مستوى العالم. ليلتها زرت الأكواريوم الضخم الذي يقع في المول. وباستثناء ما كنت شاهدته سابقاً في أميركا، ما وقعت عيني على عالم بحري أجمل من ذاك الذي يشفّه الزجاج لزوّار دبي من أنحاء العالم كافة. في اليوم التالي من زيارتي توجهت منذ العاشرة صباحاً نحو مدينة آيس لاند المائية. حرارة الجو كانت عالية في ذلك الوقت، لكن دفق المياه الشديد على المنزلقات المائية المصممة بعناية كان هائلاً، والبرك الباردة التي كانت معدة أسفل كل لعبة لنزول المنزلقين هوّنت من ذلك كثيراً، بل جعلتها تجربة لا تُنسى، حتى أني أمضيت الساعات هناك حتى الرابعة عصراً من دون أن أشعر. كان يوماً رياضياً بحتاً؛ إذ بعد أن فرغت من المدينة المائية وتوجهت لمنطقة الجميرا لتناول غدائي الذي تأخر لساعات عن موعده اليومي، تمشيت في منطقة تحمل اسم ممشى الجميرا. حسبتها في البدء مجرد ممشى عادي كالموجود في معظم المدن العربية، لكني فوجئت بضخامة الأبراج التي تطوّقه والمطاعم العالمية الفاخرة التي يعج بها والفنادق التي لا يكاد أحدها يغيب عن المشهد هناك. انتصف الليل، ولمّا أكمل جولتي الطويلة بعد، لكني آثرت العودة لفندقي والخلود للراحة، ذلك أن طائرتي ستقلع في الثالثة عصراً في اليوم التالي. بعد أن تناولت إفطاري، واستعرضت القائمة الطويلة للأماكن السياحية في الإمارة، لأختار منها واحداً قبل توجهي للمطار، وقعت عيني على "سكاي دبي": مدينة الثلج الاصطناعية، المترامية الأطراف والتي تدخلك في عمق تجربة التزلج والتلفريك واللعب مع البطاريق، حتى لتنسى في لحظات أنك في محيط اصطناعي بالكامل. الرحلة إلى دبي تكفلت بإيضاح الشهرة العالمية التي حظيت بها هذه المدينة العربية، وفي فترة قياسية لا تُذكر. ولعل اللافت في صبغتها العالمية أنها تمضي نحو مزيد من التكريس وليس الثبات فقط. اقرأي أيضا: قمة برج خليفة..أعلى نقطة مشاهدة في العالم دبي مدينة يشتهيها الحيّ