إكتسبت مهندسة الديكور ومُصمّمة الأثاث اللبنانية ندى دبس شهرةً واسعةً كإحدى أنجح المصممين وأكثرهم ريادةً في الشرق الأوسط. وهي تحتفي بجذورها العربية فيما تلبي أذواق كافة زبائنها المحبين للرقي حول العالم. لا يُمثّل المركز الحالي الذي استحقته ندى بجدارة تطوّرَها كمُصمّمة مُعاصرة رائدة في الشرق الأوسط فحسب، بل يجسّد أيضاً تطوّرها على المستوى الشخصي كإمرأةٍ عربيةٍ مُعاصرة. قضت دبس سنواتها الأولى في اليابان، حيث ارتادت مدرسة أمريكية تتميّز بجو عالمي. فبلورت عناصر التأثير العالمية هذه نظرتها إلى الجمال، وهي ترتكز في المقام الأول على مقاربة التبسيط اليابانية للهندسة المعمارية والتصميم الداخلي. بالإضافة إلى ذلك، إرتادت دبس كلية التصميم الفني في جامعة رود آيلاند المرموقة في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث درست العمارة الداخلية وازداد إعجابها بفن التبسيط الياباني، مع بروز اهتمامها بالتصميم الحديث والمُعاصر. صمّمت دبس أثاث شقتها بإبداعاتها الخاصة عندما انتقلت إلى المملكة المتحدة، وخلال هذه الفترة، تعرّفت إلى الحرفيين المحليين المهرة في صناعة الأثاث المنزلي وتطعيم الخشب. وعليه، أصبح منزلها صالة العرض المثالية لعملها، وطلب الكثيرون من زوّارها أن تُصمّم لهم قطعاً مماثلة. وبالتالي شكّل هذا حجر الأساس لشركة التصميم الناجحة التي أسستها. وكان لمجموعة الأثاث الخاصة بالأطفال الدور في نيل ندى إهتماماً في الشرق الأوسط، إذ استخدمت زخارف الفنان كلاريس كليف في أعماله الخزفية كمصدر إلهام لها. وبعد أن شاهد شخص من العائلة المالكة في الأردن بعض أعمالها في لندن، عمد إلى توكيل دبس بمهمة تصميم غرف أطفاله. فحَذت العائلة المالكة الأردنية حذوه، وكلّفت دبس بتأثيث أجنحة الأطفال في القصور في عمّان، وسرعان ما اكتسبت علامة "ندى دبس" التجارية شهرة واسعة في المنطقة. الجدير بذكره أنّ ندى عادت إلى بيروت عام 1999 لمواصلة هذا النموّ الاستثنائي انطلاقاً من قاعدتها الرئيسية الحالية. كما وجدت ندى ضالّتها وتوجّهت نحو التصميم المعاصر مع استخدام التقنيات الحرفية التقليدية، والأهم من ذلك، عمدت إلى ابتكار نسخ مُعاصرة عن القطع التراثية، بهدف المحافظة عليها وتناقلها من جيل إلى آخر. في وقت لاحق، تلقت ندى اتصالاً من صديق يقوم بتجديد مطعم فخرالدين الشهير في لندن، وطلب منها أن تستخدم أسلوبها المتميّز والمعاصر، ولكن مع الحفاظ على الطابع الحِرفي. فأشاد الكثير من المختصين في هذا المجال من جميع أنحاء العالم بعملية تجديد المطعم التي عكست مفهوماً عصرياً جديداً للتطعيم بعرق اللؤلؤ العربي التقليدي. فكانت هذه إنطلاقةً نحو إتجاه إبداعي جديد بالنسبة لندى على المستوى الشخصي، وذلك عبر استقاء الإلهام من جذورها. ومن هنا، وُلدت مجموعة ندى دبس للأثاث المنزلي بإسم "إيست أند إيست" (شرق وشرق). وتُمثّل الإزدواجية في استخدام كلمة الشرق انصهار بساطة وتحفّظ الجماليات اليابانية مع دفء فن الزخرفة العربية المترف. كما يضمن التزام دبس بالبراعة الحرفية عالية الجودة والإهتمام بالتفاصيل أن تكون كلّ قطعة تحفة فنيّة بامتياز. بالإضافة إلى ذلك، حافظت ندى على مركزها في طليعة ساحة التصميم العالمية، وذلك باستخدام المواد الحديثة والعصرية مثل الأكريليك والإسمنت المصقول. بالتالي، لقيت أعمالها الحفاوة في معارض التصميم المرموقة في باريس ولندن، وذلك تعبيراً عن تقدير الغرب لأعمالها. كما اكتسبت قاعدة متنوعة من الزبائن الأوفياء حول العالم. ومع ذلك، فهي تتغنّى بأنّ النجاح الأكبر الذي حققته هو الشهرة التي نالتها في بيروت حيث يدعوها الجميع بإسم "محبوبة التصميم الداخلي". أمّا "الكراسي العائمة" التي تحمل بصمتها وتتألف من وسائد داخل مكعبات، فيمكن إيجاد في كلّ منزل عصري في بيروت.   تتضمّن أحدث أعمال دبس المزيد من معالم الثقافات الشرقية، بما في ذلك مصادر الإلهام الفارسية والهندية. وعلاوة على ذلك، أصبحت الطبيعة تُشكّل جانباً هاماً من أعمالها، بعد أن أضحى الإهتمام بالبيئة من ضروريات العصر. لكن قبل كل شيء، تبقى جذور ندى الثقافية العامل الأكثر تأثيراً على تصاميمها، وهي تُثابر في تسليط الضوء على هذه الجذور، فيما تكوّن هوية عصرية لنفسها ولزملائها.   المزيد: الغوص في رفاهية وحكايات “عاتي” أتفكرين بطلاء بيتكِ بنفسكِ؟ أتبعي الخطوات التالية.. تصاميم عصرية بلمسات تراثية