تدخل الحرب في سورية عامها الرابع وكما تغيرت كل تفاصيل وملامح الحياة اليومية والاقتصادية والسياسية للمواطن السوري فمن الطبيعي ان تؤثر بشكل ملحوظ على الدراما السورية والواضح انها مرت بمرحلتين حتى الان منذ بدء الازمة، الاولى وهي توقف عدد من الفنانين عن العمل في البداية انتظارا لجلاء الصورة او نظرا لسفرهم خارج سوريا والمرحلة الثانية هي العودة للعمل لكن غالبا ضمن شروط المنتج وليس ضمن شروط النجم وذلك طبعا بعد الاقتناع بان الحرب في سورية ستطول وبالتالي فلابد من العودة للعمل ، وهكذا صورت الدراما السورية 27 عملا في سورية او في الدول العربية الاخرى هذا العام وكما هي الحال في أي دراما كان هناك اعمالا حققت نجاحا جماهيريا واعمالا صدمت الجمهور لتدني مستواها الفني وبدى جليا ان الاخيرة كان حظها اوفر في العرض على القنوات الفضائية في حين ان قلة من الاعمال عالية المستوى تم عرضها بالشكل المطلوب وتتداول عدة روايات ونظريات اهمها ان الفنانين الموالين للنظام اصبحت اعمالهم مرفوضة من قبل الفضائيات الكبرى في حين تقول الرواية الثانية ان هناك قرارا بشرذمة(انهاء) الدراما السورية وافساح المجال للدراما اللبنانية لتحل محلها( خاصة وانها الاقرب من عدة نقاط للدراما السورية) ودعم الدراما المصرية اكثر ومن جهة اخرى طرح مسلسلات عربية طويلة لمنافسة المسلسلات التركية من حيث النوعية لاقصاء الاخيرة من الشاشات العربية. ويكثر الحديث والنظريات لكن هل يوافق اهل الدراما السورية على ما سبق وان الانتاج السوري تأثر فعليا بالحرب؟ وكيف ؟ولماذا؟ البعض قال رايه باقتضاب والبعض توسع في شرح الموضوع..لكن هذا التحقيق يحمل خلاصة القول: الدراما السورية تسير الى حتفها!؟ بصورة قاتمة للحاضر الدرامي السوري يوضح الكاتب مازن طه (كاتب العديد من المسلسلات ومنها: مرايا وصبايا وبقعة ضوء ومناحي وطاش ماطاش) ان الحرب السورية ارخت بظلالها على كل مفاصل الحياة ومن الطبيعي ان تتأثر صناعة الدراما بهذه الحرب وعمليا يمكن القول ان الدراما انقسمت الى دراما داخلية وهي تتضمن الاعمال التي نفذت في سورية ودراما خارجية وهي تتضمن اعمال سورية نفذت في الخارج او اعمال مشتركة .. وهذا الانقسام اثر سلبا وأخل بموازين الابداع الدرامي .. فلا الدراما الداخلية استطاعت ان تعبر عن نفسها او تحقق لنفسها شروط البقاء والمنافسة ولا الدراما الخارجية استطاعت حمل راية الدراما السورية ويطلق مازن سهامه على الدراما التي صورت داخل سوريا فهو يرى انها كانت دراما فقيرة ومحدودة الخيارات وضيقة الافاق فاتجهت نحو اعمال البيئة الشامية الاسهل تنفيذا او الى اعمال لامست الحرب بطريقة فجة ومباشرة او الى اعمال في منتهى السطحية والابتذال .. واذا استثنيا بعض الاعمال الهامة الا ان القاعدة العامة .. تؤكد ان الدراما السورية تسير الى حتفها!! .. وبحاجة الى انعاش بالصدمات الكهربائية!! .. بينما ذهبت الدراما الخارجية الى افاق اخرى لكنها حلقت خارج السرب !! لكن بنظرة متفائلة اكثر يرى الموضوع المخرج سيف السبيعي( ربما بسبب نجاح مسلسله "الاخوة" مؤخرا) فهو يعترف ان الأحداث في سوريا قد أثرت سلبا على انتاج الدراما السورية من ناحية الكم والنوعية أيضاً ولكنه يعتقد ان ما يحسب لها أنها مازالت مستمرة ومازالت حتى اليوم تقدم الأعمال الأكثر جرأة والأكثر إشكالية كما شاهدنا هذا العام في أعمال مثل قلم حمرة و حلاوة الروح و بواب الريح ... ولكن أيضاً كان هناك أعمال كثيرة دون المستوى المطلوب ... المشكلة الأكبر باتت الان في تسويق هذه الأعمال في السوق الخليجية التي على ما يبدو لم تعد تحبذ التعاطي في الشأن السوري اليومي ... مما أدى لصعوبة في التسويق حالة تخبط تشبه حياتنا وبنبرة حزينة تشرح وجهة نظرها المخرجة رشا شربتجي (التي غابت هذه السنه عن الدراما السورية واكتفت بإخراج المسلسل الاماراتي"وش رجعك")فهي ترى ان للحرب جروح و آلام و آثار على المدى القصير و البعيد بل وعلى المجتمع كله و الدراما هي جزء من هذا المجتمع لأنها صوره مصغره عنه لذلك ترى ان الدراما السورية تأثرت بالحرب سلبيا بسبب هجرة عدد كبير من العاملين فيها اضافة الى ان الخوف من الانتاج في دمشق جعل شركات الانتاج قليلة ... ولا تنكر ان هناك قله ماتزال تحاول الانتاج والعمل .. وتوضح رشا انه لم يتأثر الكم لكن تأثر الكيف و المضمون بشكل اساسي ،وتؤكد ان غياب انتاج الدراما عن ارضها و بيئتها افقدها مصداقيتها و عفويتها التي تميزت بهما الدراما السورية . اما المخرج سامر برقاوي ورغم انه مازال يتلقى التهاني على نجاح مسلسل "لو" يكرس ما سبق موضحا ان حدثا بجسامة ما جرى في سوريا لا يمكن ان يمر دون ان يترك اثرا كبيرا على الدراما فنيا وتقنيا وانتاجيا خاصة وانها اعتمدت سابقا على محاكاة واقع امكنها التعبير عنه والتأثير به والولوج دراميا وبصريا اليه، حيث صمدت عبر عقود بمقوماتها الفكرية والانتاجية وتجاوزت تحديات الرقابة والسوق والتكليف بدفاعها عن هذه المقومات ، الا ان التحولات السياسية والاجتماعية والاقتصادية الحادة التي اصابت البلاد ومزقتها ومزقت نسيجه الاجتماعي جعلت هذه الصناعة تعاني من هذا الدفاع وهذه المواكبة بداية من عجزها عن قراءة هذه التحولات وتمترس الرقيب خلف اعتبارات السياسة وأوليات المرحلة ومرورا بالانقسام العربي الذي يحكم اقنية العرض لهذه الدراما مما ادى هذا الى تخبط في بناء استراتيجيات الانتاج والتوزيع ونهاية بالصعوبات اللوجستية والامنية التي من البديهي ان تتوفر لهكذا صناعه . الدراما السورية تراوح في نفس المكان اما النجوم فمنهم من يتفق مع ما سبق ومنهم من يختلف فمثلا النجم عبد المنعم عمايري بدء حديثه بجملة نعم ولا قبل ان يشرح رايه بان الدراما السورية تأثرت من جهة المواقع فقد اصبحت مواقع التصوير محدودة وبالتالي اصبحت النصوص القابلة للتصوير في سورية كذلك محدودة لكن بالنسبة للكم لم تتأثر ، ويؤكد ان هناك نصوص ممتازة ونصوص جيدة واخرى سيئة كما هي العادة في أي دراما!! الفنانة فرح بسيسو بتفاؤل تنظر للموضوع فهي ترى ان الدراما السورية ما زالت موجودة بكامل تميزها برغم الصعوبات وربما قل الكم ولكن الجودة لا تزال كما هي .. بل تحمل بداخلها ابعاد انسانية و مشاعر عالية الحس والتأثير. وتختصر الفنانة شكران مرتجى وجهة نظرها بكلمتين : "نستطيع القول ان الدراما السورية تراوح في نفس المكان منذ بداية الحرب تقريبا"مازال الكم موجودا"ولكن الخوف من النوعية والتكرار في المواضيع وحتى في الممثلين بسبب غياب البعض .." "ما بدنا نضحك على بعض اكيد اثرت الحرب على الانتاج" بهذه الكلمات بدئت الفنانة ديمة الجندي حديثها وهي توضح ان الانتاج تأثر بالكيف وليس بالكم فقلة هي الاعمال ذات الجودة العالية والمتكاملة التي قدمتها الدراما السورية هذه السنة ومنها على سبيل المثال مسلسل قلم حمرة الذي كان متكاملا من القصة الى الاضاءة والتصوير والاخراج وصولا الى اداء الفنانين وتعتقد انه اعاد بشكل ما دفة القيادة الى الدراما السورية !! ورغم انه لم يعرض على شاشات الفضائيات الكبرى الا ان وجوده على اليوتيوب اوصل العمل للجميع . وتعود ديمة الى موضوع الانتاج لتوضح انه بناء على عدم وجود انتاج مشترك ولعدم وجود اعمال تنتج لحساب القنوات الفضائية كالسابق تراجع الدعم المالي ومن هنا لم يعد بالإمكان جمع كم من النجوم في عمل واحد وفنيي الاضاءة والتصوير والديكور المميزين وكتاب الدراما المعروفين ومن هنا لجات الشركات للوجوه الجديدة ليس في التمثيل وحسب بل حتى على صعيد الفنيين والكتاب وهذا ما اضعف جودة العديد من المسلسلات . الدراما السورية تعرضت لانحدار تدريجي وتلقي الفنانة رنا ابيض باللوم على المنتجين ففي اريها ان الدراما السورية تعرضت لانحدار تدريجي بعد أن أُبعد عنها أصحاب المشروع الفني الحقيقي الذين كانوا يحملون شغف نقل المعاناة الإنسانية والثقافية في طيات أعمالهم الفنية ولكن نوعية المال في الدائرة الإنتاجية ساهمت في تدني المحتوى ليكتفي المنتجون بجمالية الصورة الخالية من أي معنى و هدف وحتى في هذه الحالة هناك أعمالا كثيره افتقدت جمال اللغة البصرية فكان هناك تشويها بصريا وسمعيا وفكريا اضافة الى التخلف والمراوحة بالمكان وتكرار الأفكار . وتوافق الفنانة جيني اسبر الفناة رنا ابيض على رايها وتضيف "ان الدراما السورية تعاني حالة تخبط كبيرة بين الجيد والسيء وهناك من يحارب ابقاء الدراما السورية في اجمل حلة رغم الظروف الصعبة والبعض أخذ مسار الاستسهال والتجارة الرخيصة سواء كان من المنتجين و الكتاب والممثلين المتطفلين على الوسط واعتقد ان هذا الشق هو الذي قد يعطي صورة مغلوطة عن الدراما السورية الان"   الله يفرجها و نرجع نوقف على رجلينا!! وامام هذه الآراء التي تشكل صدمة لكل من يسمعها للمرة الاولى نتساءل اين هي الدراما العربية من كل ما يحدث مع الدراما السورية هل تساعدها ام على العكس اضعفتها اكثر انتاجيا ونوعيا؟ "لا استطيع القول ان الدراما العربية انقذت الدراما السورية من وضعها بسبب حالة الحرب " هكذا تجيب المخرجة رشا شربتجي فهي ترى ان الدراما العربية اوجدت عمل بديل للعاملين بالدراما السورية الموجودين خارج سوريه و استفادت هي بالتالي من نجوم و خبرات سورية لذلك نجحت في تنشيط الدراما بشكل عام ..وهذا التوجه بالدمج و الشراكة العربية بالأعمال الدرامية موجود في المحطات الفضائية من قبل الحرب وتشجع رشا على هذا التعاون لكنها تشترط ان يكون النص المكتوب يتمتع بالعفوية و بعيد عن الفبركة. وبعد تنهيدة تقول رشا "اخ الله يفرجها و نرجع نوقف على رجلينا الوجع كتير كبير و لساته الجرح سخن ... و لم نلمس بعد مضاعفاته النهائية!!" ويرى الكاتب مازن طه ان الأعمال العربية المشتركة ستؤثر سلبا على الدراما السورية لعدة اسباب .. اولها احتكار هذه الاعمال للنجوم القادرين على تسويق الاعمال .. وثانيا فقدان هوية المسلسل السوري فهي على الاغلب اعمال منفصلة عن الواقع تماما .. ولكن يجب ان لا ننكر انها في الوقت نفسه شكلت ما يشبه الهواء الاصطناعي الذي يمكن ان يبقي الدراما السورية على قيد الحياة ولو لفترة مؤقته .. ويؤكد انه مع الاعمال العربية المشتركة بشرط ان يرى فيها ما يعكس هوية الدراما السورية .. اما ما يجري الان فهو عملية تفريغ الدراما السورية من كوادرها الهامة وصعود للآخرين على حساب بقايا الدراما السورية المشرفة على الهلاك!! ويضع المخرج سامر برقاوي تحذيره بين السطور حين يوضح ان مراقبة معدلات الانتاج اثناء هذه الاحداث بمعزل عن محتواه ومبتغاه يكشف حقيقة تمسك صناع هذه الدراما بها وبالياتها التقنية بما تحويه هذه الاليات من تطويع هذه الصناعة لمحاكاة دراما بديلة اوهجينه تحفظ تواجدها واستمرارها وبقائها ،معتمدة بذلك على ما قدمته هذه الاليات من تطويع لصالح دراما عربية في صراع مع بقاء الانتاج والارتقاء بالمحتوى الغير محلي تحاشيا للسقوط ، ويبدو انها تمضي قدما !! الفنان السوري اضافة لأي دراما ويدافع سيف سبيعي عن مشاركة الفنانين السوريين في الاعمال العربية لأنه يرى ان السوق الان تريد الأعمال العربية المشتركة ويعتقد ان مشاركة السوريين في هذه الدراما هي من تنقذ هذه الأعمال وليس العكس والدليل ان الأعمال الناجحة من هذا النوع كلها بمشاركة سورية فعالة مثل روبي و لعبة الموت و لو وأخيرا الأخوة ... بينما الأعمال الأخرى التي لم يكن العنصر السوري فاعلا فيها مرت مرور الكرام !! ويتفق مع سيف السبيعي الفنان عبد المنعم عمايري اذ يرى ان الدراما العربية منذ سنوات تقترب في المشهد مع الدراما السورية وبالتالي ليس هناك شيء جديد ولا يمكن القول انها وقفت الى جانب الدراما السورية تماما فهي من الاساس عملية تبادل بين كل انواع الدراما العربية الموجودة منذ سنوات. ويعتقد ان وجود الفنان السوري ضمن دراما ما يشكل عملية تلاقح فني للطرفين فلا احد ينكر ان ادوات الدراما السورية تطورت ولها خصوصية وبالتالي هي تشكل اضافة في حين ان الاطلاع على تجارب الدراما العربية اينما كانت هي ثقافة جديدة تشكل قيمة مضافة. لكن الفنانة شكران مرتجى ترى ان الدراما العربية انقذت الدراما السورية لكن الانقاذ كان متبادلا ففي حين قدم السوريون خبراتهم الفنية ونجومهم قدمت الدراما العربية من جهتها التسويق ومواقع التصوير ليستفيد الجميع اما بالنسبة للفنانين العرب الذين عملوا في الدراما السورية او العكس فالجميع استفاد من التجربة لأنها في النهاية تبادل خبرات. وتنفي فرح بسيسو ان تكون الدراما العربية قد ساعد الدراما السورية باي شكل علي الاطلاق ،لأنه (حسب رايها) ان الاخيرة لم تكن بحاجة الي انقاذ بل اضافت لغيرها الكثير، وان الموضوع لم يتجاوز في النهاية تغيير اماكن التصوير.. لتصبح في سوريا اوالاردن اولبنان اوالامارات . وترى فرح ان عودة الاعمال المشتركة هي اضافة وعودة للزمن الجميل حيث يجتمع الافضل من كل بلد ليعلن عن دراما تحمل الابداع ولذلك فالفن السوري لم ولن يكون بمأزق .. وسيكون دائما القوة و المكسب لأي دراما اخرى. اما الفنانة رنا ابيض فتظن أن الدراما المشتركة لم تقدم سوى تامين تواجد بعض الوجوه السورية على الساحة الفنية لكن ليس حُباً بهم وانما لخدمة أعمالهم وقنواتهم عبر احترافية الفنان السوري واستقطاب جمهوره . في حين ان الفنانة ديمة الجندي لم تستطع تحديد اذا ما كانت الدراما العربية انقذت او اضعفت الدراما السورية لكنها ترى ان الانتاج العربي الذي قدم من خلال النجوم السوريين قبل سنوات كان تجربة مهمة على الصعيد الفكري والاخراجي والمحتوى ومنها مسلسل ابواب الغيم المأخوذ عن اشعار سمو الشيخ محمد بن راشد ال مكتوم وتتمنى ان تستمر هذه النوعية من الاعمال معظم الاعمال عانت من السخف والابتذال! وبعد هذه الآراء التي يتفق معظمها على الخوف من تراجع مستوى الدراما السورية نشير اخيرا الى ما كتبه الفنان ايمن زيدان والذي يعتبر بمثابة "شيخ الكار" للدراما السورية حول رايه في اعمال هذا الموسم عبر صفحته في وسائل التواصل الاجتماعي بالتالي: انتهى الموسم الرمضاني لهذا العام وخرجت الدراما السورية في معظم ما أنتجته من الباب الخلفي بخفر وخجل لا يشبهان جموحها قبل عشر سنوات واكثر. محزنا ما حدث والذي بالضرورة يعود الى اسباب ذاتيه وموضوعيه كثيرة لكن من المؤكد ان الازمة السورية التي تحولت الى شماعة تعلق عليها كل تراجعات الدراما هذا العام ليست اهم الاسباب بل اقلها صعوبة ...تم انتاج اكثر من عشرين عملا دراميا في ظل الازمة الصعبة التي نمر بها لكن معظم هذه الاعمال عانت من السخف والسطحية وبعضها من الابتذال على صعيد الافكار المطروحة والمعالجات لنتساءل: هل الازمة هي التي دفعتنا الى اختيار مواضيع ومعالجات سخيفة ؟ هل الازمة هي التي جعلت الكتابة شغل من لا شغل له ؟ هل الازمة هي التي اسهمت في تكريس وقاحة البعض وتصديهم لمهمة الاخراج التلفزيوني بصفاقه ملفته ؟ هل الازمة هي التي جعلت البعض يعتقد انه من كبار المخرجين ولايشق له غبار ؟ طوال الوقت تجاورت الاعمال الرديئة مع الجيدة لكن المرعب مدى هيمنة الاعمال السيئة وتكريسها ...وما يحدث الان هو استمرار لما يحدث منذ اكثر من عشر سنوات لكننا كنا نجمل الحقائق ونزيفها وفي كثير من الاحيان ...كنا ننتج حوالي خمسين مسلسلا نتوقف عند مسلسلين او ثلاثة يحققان نجاحا ما ولكننا لا نأتي على ذكر الكم الاغلب الرديء لأنه سيفسد بهجة تغزلنا الزائف ... يوما بعد يوم تظل الدراما السورية للأسف مرتهنة لرأسمال لا تشبهنا ثقافته ولانتقاطع مع مشاريعه وتصوراته ...ويوما بعد يوم ينسحب بساط التميز من تحت اقدام هذه الدراما لنرى معظمها كما هو الحال هذا العام دراما مستباحه أيا كان يخرج وأيا كان يمثل وأيا كان يكتب وطبعا أيا كان ينتج والاخطر ان محطاتنا الرسمية تعرض أيا كان   الدراما تكسر الحواجز عام 2006 ونتيجة لعدد من الاحداث السياسية تغير المزاج الشعبي العربي تجاه الشعب السوري حتي خيل للجميع ان قطيعة حدثت بين الشعب السوري والشعوب العربية وجاء رمضان وعرض الجزء الثاني من مسلسل باب الحارة ليحصد اكبر كم من المتابعة مقارنة بكل الاعمال آنذاك خاصة بعد طرحه طريقة تعامل الزوجة مع الزوج وصفات الشهامة والنخوة والكرم التي كانت سائدة حتى غدا الكثيرون يقلدون اللهجة الشامية في كلامهم مع المقربون واحيانا في العمل ونتيجة لهذا الاجماع الشعبي العربي على جمال ونجاح هذا العمل عادة العلاقات كما كانت بل وسجل زيادة كبيرة في نسبة الاقبال على السياحة الى سورية ومن هنا ارخت هذه التجربة ظلالها على الانتاج الدرامي السوري فتضاعفت اعداد المسلسلات وتنوعت لكن منذ ذلك اليوم واعمال البيئة الشامية تتصدر المشهد الدرامي السوري ومؤخرا اعلنت شركات الاحصاء ان مسلسل باب الحارة بجزئه الاخير كان ضمن اكثر ثلاثة مسلسلات مشاهدة في رمضان الماضي!!.