درس بالإصرار والتحدي والأمل تجسد بكل معانيه السامية في جلسة مناقشة رسالة الدكتوراه للطالب الأستاذ في اللغة العربية، ذو الـ32 عاماً، رغم أن هزاله يوحي بأنه رجل مُسن أكل منه الدهر وطراً. أصر الدكتور محمد مالك من سكنة مدينة الكوت في العراق، على أن يستكمل دراسته العليا رغم إصابته بمرض السرطان بمراحله المتقدمة، حتى حصل على درجة الدكتوراه باختصاصه الدقيق في الأدب العربي بعد عناد وإصرار ومحبة للعلم والحياة قل نظريهم. وقد استقبله مناقشيه بالإعجاب لشدة بأسه أمام بأس مرضه القاهر، حتى أن إحدى أعضاء اللجنة الدكتورة خالدة حسن لم تستطع أن تحبس دموعها أثناء المناقشة لشدة تأثرها بإصراره وفرحها بأمله الذي طغى على اليأس. وفي حوار خاص لموقع "أنا زهرة" تحدث لنا الأستاذ الدكتور المشرف على الرسالة، رعد أحمد الزبيدي، من كلية الآداب الجامعة المستنصرية، فكشف لنا مدى صعوبة صراع الباحث مع المرض والزمن معاً حتى تحقيق إنتصاره الذي عُد ملهماً لغيره. - كيف كانت طبيعة مناقشة رسالة الدكتوراه للسيد محمد مالك، وهل أثرت حالته الصحية على سير المناقشة؟ كانت المناقشة مثل بقية المناقشات الأخرى في بعدها الاكاديمي من حيث تشكيل لجنة المناقشة العلمية التي تناقش أطاريح الدكتواره عادة، والتي تمثل التخصص الذي يدور حول موضوع أختصاص الاطروحة المعنونة (البنى السردية في حكايات كتاب خزانة الأدب للبغدادي). وقد حققت المناقشة برغم كل الصعوبات الصحية دقة الجانب العلمي الاكاديمي، مع مراعاة حالة الطالب الصحية، فكانت هناك بضعة استراحات للطالب بين مناقش وآخر، لأنه كان في وضع صحي محرج جداً، لكن معنوياته كانت عالية وقد أستمرت المناقشة ما يقارب من 4 ساعات، وكنت قد أتفقت مع لجنة المناقشة في حالة حدوث عارض ما سأكمل أنا بقية المناقشة والدفاع عن الأطروحة بدلاً عن الطالب . - لاحظنا النحول والهزال باديين على الطالب محمد، ما هو مرضه وكيف أستطاع متابعة دراسته مع المرض؟ كانت حالة الطالب الصحية حرجة جداً، ذلك لأنه مصاب بمرض السرطان المتقدم في منطقة الرئتين وإمتداداً الى العمود الفقري وقد أجرى الباحث اكثر من عملية جراحية وسافر للعالج لاكثر من دولة وكانت اخرها الى تركيا، ثم خضع لجلسات العلاج الكيماوي. ورغم كل ذلك كان الباحث قوياً في إيمانه وقبول قدره والصبر على الألم والسهر ومتابعة متطلبات البحث. - هل طالت فترة التحضير للمناقشة بسبب مرض الطالب، وهل واجه صعوبات شديدة عطلته؟ لقد تم تمديد زمن الكتابة للأطروحة ثلاث مرات لسببين احدهما متعلق بقوانين نصاب الطالب في الدراسة. والثاني مرض السرطان. وبعد أن وصل الى انجاز ما نسبته 80% دخلنا في إحراج المرض وشدته، وكذلك بدأ المرض يزداد قسوة وشدة عليه ونتائج العلاج الكيمياوي التي خنقت روحية الباحث، وكان يشعر بأن المرض اسرع من ان يمنحه الوصول الى مناقشة الدكتوراه . وقد كانت هذه المرحلة اصعب الايام علينا جميعاً، لذا طلبت من الطالب ان نعيد تقييم ما انجزنا من مسودات البحث وكانت الفصول المنجزة تكاد تقترب من الإكتمال، فذهبت مجموعة لطباعة ما انجز من مسودات على الورق وذهبت مجموعة مع الباحث تشجعه معنويأ وتكون معه في البيت للعون وتحفيزه لانجاز الفصل الأخير. وقد نجحنا بفضل الله تحديد موعد المناقشة يوم 3-9-2014 الاربعاء. ولو كنا تأخرنا يومين بعد ذلك لتم فصل الطالب بسبب انتهاء الزمن المحدد للتمديد الأخير! - كم ساهمت حقيقة نيله شهادة الدكتوراه في تحسن حالته النفسية والصحية؟ لا شك لقد تنفس الطالب مشاعر الفرح والفخر وهو يحصل على الدكتوراه ويحقق أمله الذي كاد ان يتبخر لولا فضل الله وصبر الباحث وارادته القوية في اكمال مشواره العلمي بكل صدق وجدارة . - من حضر حلقة المناقشة من أهله أو أصدقائه؟ لقد حضرت زوجته معه وكان حوله لفيف من أصدقائه المخلصين والمقربين من مدينته وزملائه بالكلية وكان لدورهم الإنساني الرائع أثراً كبيرة بتخفيف الألم مما أنعكس إيجابياً على قوته وحماسه اثناء المناقشة والدفاع عن بحثه .كما شارك قسم اللغة العربية في كلية الاداب بالحضور والترحيب بالطالب وشد أزره. اقرأي أيضا: زها حديد ...كيف صارت أسطور العمارة في العالم شابات ملهمات قصصهن قد تغير حياتك فلسطينية تزرع الورد في عبوات القنابل الست كما لم تريها من قبل