زواج البدل، بل يمكننا أن نطلق عليه "زواج السلعة" طالما أنّ والد المرأة أو شقيقها يستطيعان إهداءها إلى صديق، فيرد الأخير الجميل بتقديم شقيقته أو ابنته من دون حقوق شرعية أو مهر. تاريخ زواج البدل الشغار أو زواج البدل هو استنكاح تبادلي كانت تلجأ اليه العرب في الجاهلية. وكان يقضي بأن يتم التزاوج من خلال تبادل امرأتين من بنات الرجلين العازمين على الزواج أو اختيهما، على أن تكون المرأة المعطاة بمثابة المهر المقدم للمرأة التي سيتزوج منها الرجل. ورغم التحريم الظاهري لهذا النمط من النكاح، إلا أنّه ما زال يسود بين أوساط الفئات الفقيرة التي تعجز عن إيفاء المهور. وينتشر زواج البدل في العديد من البلدان العربية، ويحدث بسبب الوضع المالي السيء الذي تعانيه بعض الأسر، إلى جانب عدم توعية الناس بحكمه، ما قد يسبب في مشاكل عائلية بين الأسر تدوم لأعوام. ليس هذا فقط. تاريخ هذه الزيجات يشير إلى فشلها سريعاً، إذ غالباً ما تنتهي في الأيام الأولى من شهر العسل بسبب عدم رضى الزوجين عن الآخرين أو قيام الأب بتزويج ابنه أو ابنته بالإكراه. وأحياناً، يحدث الطلاق ليس بسبب عدم الاتفاق بل بسبب عودة الثانية إلى منزل والدها نتيجة مشاكل وخلافات انتهت بطلاقها، فيقوم الآخر بالرد بالمثل. بين الشرع وعلم الإجتماع شرعياً، يجمع علماء الدين الإسلامي على اختلاف المذاهب على أنّ زواج البدل ممنوع شرعاً، الا أنّ بعضهم يحلّلونه في حال تسمية المهر وحفظ حق المرأة فيه، إلا إذا استغنت هي عنه عن طيب خاطر ومن دون أن تكون مجبرة على ذلك. يؤكد الفقهاء على أنّ سلبيات زواج البدل كثيرة رغم أنّ الهدف الرئيس منه يكمن في تقوية العلاقات الاجتماعية مع الناس. ولكن بالرغم من معناه الحقيقي، فإنّ زواج البدل نادراً ما ينجح لكثرة المشاكل التي تحصل بين الثنائين، فيترك الزوجان خلفهما الأطفال من دون حماية ورعاية. اجتماعياً، يدعو اختصاصيو علم الاجتماع والأسرة إلى فصل كل زيجة عن الأخرى من أجل التعامل مع كل زوج بمهر منفصل. وبالتالي، لا يحق ربط السابق باللاحق. أي في حال حصول الطلاق، يجب أن تحصل الزوجات المطلقات على حقوقهن كاملة. ويشير علم الاجتماع إلى وجود مفاهيم إجتماعية خاصة بزواج البدل، إلا أنّ من يتحمّل مسؤولية إخفاق الزواج هو في أكثر من طرف، ويأتي على رأس القائمة المحيطون بالأسرة من العائلة. ووجه علم الاجتماع نصيحة إلى الفتيات والشباب بضرورة الابتعاد عن زواج البدل لما فيه من ظلم وهضم لحقوق المرأة والشاب، إلا أنّ الطامة الكبرى تبقى في ظلم المرأة في هذه الزيجة لأنّها تحرمها من حقها في المهر. وإذا انفصلت بديلتها، لاقت هي المصير نفسه وانهارت الأسرة.