يُحاط الأطفال حالياً بالعديد من وسائل الميديا المتطورة والاتصالات الحديثة التي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من مفردات الحياة اليومية؛ حيث يلاحظ الأطفال آبائهم وهو يقومون بإجراء المكالمات الهاتفية أو كتابة رسائل البريد الإلكتروني أو تدوين موضوعاتهم على الفيس بوك أو الدردشة مع الأصدقاء عبر برنامج سكايب. وهنا يظهر التساؤل عما إذا كانت وسائل الميديا الحديثة تؤثر على تعلم الكلام واللغة لدى الأطفال أم لا؟ وللإجابة على هذا التساؤل قالت سونيا أوتيكال، اختصاصي التخاطب الألمانية، إن وسائل الميديا الحديثة لها تأثير غير مباشر فقط على عملية تعلم النطق والكلام؛ لأن القدرة اللغوية وكذلك اضطرابات الكلام واللغة ترتبط في جزء كبير منها بالجينات الوراثية. ومع ذلك لا يتعلم الأطفال النطق والكلام إلا من خلال الحوارات مع الأشخاص في بيئتهم المحيطة والتواصل مع الآباء. وهناك عدة عوامل تؤثر على تطور اللغة لدى الأطفال، فمثلاً تدور نقاشات بين خبراء التربية منذ 40 عاماً حول تأثير مشاهدة التلفاز على تطور اللغة لدى الأطفال. وقالت يوتا ريترفيلد، اختصاصي علم نفس الميديا الألمانية، إنه ليس من الضروري أن يكون تأثير التلفاز سلبياً على الأطفال، موضحة: "مشاهدة التلفاز لا تؤدي إلى إعاقة التطور اللغوي لدى الأطفال، بل على العكس من ذلك فإنها إما أن تتمتع بتأثير إيجابي أو لا يكون لها أي تأثير على الإطلاق". تأثير الهواتف الذكية وأضافت الخبيرة الألمانية أن الهواتف الذكية ووسائل الميديا الأخرى قد تؤدي إلى حدوث بعض الاضطرابات أثناء تعلم النطق والكلام، مثلاً عندما تقضي الأم فترة الانتظار في محطة الحافلات بأكملها في إجراء المكالمات الهاتفية بدلاً من التحدث مع طفلها وشرح الأشياء التي يراها أمامه". وترتبط درجة التأثير على اللغة بمحتوى وسائل الميديا وكذلك الخبرات التي يتعرف عليها الطفل في الخارج. وأوضحت يوتا ريترفيلد أن خوف الآباء من أن تحل لغة الدردشة الإلكترونية والمحادثات الشبابية محل لغة الحياة اليومية ليس مبرراً على الإطلاق؛ نظراً لأن الأطفال يمكنهم التعامل بعدة أكواد لغوية بجانب بعضها البعض. الاتصال المباشر وأكدت اختصاصي التخاطب الألمانية أنه بشكل عام يعتبر الشرح والتوضيح اللغوي للأعمال والمواقف اليومية والاتصال المباشر مع الطفل من الأمور المهمة للغاية عند تعلم النطق والكلام، ويسري ذلك أيضاً على تعابير الوجه والإيماءات الحركية. وينبغي أن يحرص الآباء على وجود فترات يتم التخلي فيها عن استعمال وسائل الاتصالات الرقمية، مثلاً عندما يقوم جميع أفراد الأسرة بتناول الطعام معاً. وأوضحت إليزابيث شتيرن، اختصاصي علم النفس السلوكي الألمانية، قائلةً: "يتوقف الأمر على مقدار الوقت الذي يقضيه الأطفال والآباء في استعمال الهاتف الذكي أو الحاسوب". وأكدت أوتيكال أنه يجب إجراء الحوار بين الأطفال والأشخاص الآخرين وليس مع الأجهزة التقنية، وشددت الخبيرة الألمانية على أن المناقشة تعتبر من الأمور المهمة للأطفال من أجل التدريب على مهارات اللغة والكلام والتواصل. مواجهة التلعثم وإذا كان الأطفال الأصحاء يعانون من بعض المشاكل في اللغة، فيمكن اتباع بعض الاستراتيجيات البسيطة لمواجهة هذه المشكلة. وتنصح سونيا أوتيكال قائلة: "ينبغي على الآباء تعليم أطفالهم أن الأمر يتوقف على المحتوى وليس على شكل الكلام المنطوق". ويسري ذلك بصفة خاصة على الأطفال في السنوات الأولى من حياتهم، الذين يقومون بتكرار الكلمات والجمل عدة مرات. وغالباً ما يكون من الأفضل عدم التركيز على مشكلة التلعثم في الكلام لدى الأطفال، ولكن تكرار الطفل للكلام بشكل سلس. وتتمتع هذه الاستراتيجية بميزتين؛ فمن ناحية يتحدث الطفل بشكل سلس، ومن ناحية أخرى يتم نقل رسالة إلى الطفل أن كلامه مفهوم على الرغم من مشكلات التلعثم. وفي معظم الأحيان تظهر مشكلات التلعثم في الكلام مرة أخرى، ولذلك تنصح الخبيرة الألمانية بضرورة استشارة الطبيب بمجرد ظهور مشكلات خطيرة في النطق والكلام. ويمكن التأثير بشكل إيجابي على اضطرابات النطق والكلام في معظم الحالات من خلال الاستعانة بطرق خاصة لعلاج التلعثم. وأوضحت يوتا ريترفيلد أن وسائل الميديا التي لا تشتمل على صور تعمل على تطوير اللغة وتعزيز عملية النطق والكلام بصفة خاصة. وأضافت الخبيرة الألمانية قائلةً: "الأعمال الفنية الإذاعية تساعد على تذكر السياقات اللغوية بشكل جيد". وإذا كان الأطفال يعانون من اضطراب في تطور اللغة، مثل اضطراب في النطق والكلام، ففي هذه الحالة تشدد الخبيرة الألمانية سونيا أوتيكال على ضرورة خضوع الطفل للتشخيص وعلاج التخاطب، مشيرة إلى أن الكثير من الأطفال يتغلبون على مثل هذه المشكلات عندما يعيشون في بيئة محيطة غنية بالحوارات والمناقشة بين الأطفال. اقرأي أيضا: صور مدهشة التقطتها أم لابنتها ذات الذراع الواحدة أسرار البنات: عن رائحة المناطق الخاصة من جسمك