يواجه مرضى الصداع النصفي صعوبة كبيرة خلال حياتهم اليومية؛ إذ تهاجمهم فجأة آلام رهيبة تشبه الطرق على الرأس وتستمر معهم لساعات طويلة. وفي شهر رمضان المعظم يعاني كثير من هؤلاء المرضى من الصداع بصورة أكبر من المعتاد؛ حيث تتفاقم متاعبهم، ويتكرر حدوث نوبات الصداع النصفي لدى الكثير منهم. هذا ما أوضحته نتائج دراسة نُشرت في الدورية الطبية «مجلة الصداع والألم». وفي هذه الدراسة تم ملاحظة 32 من البدو في صحراء النقب الذين يعانون من الصداع النصفي؛ حيث أظهرت النتائج أنهم عانوا من آلام الصداع خلال شهر رمضان لمدة 4ر9 يوم في المتوسط. في حين استمرت معاناتهم مع هذه الآلام خلال شهر بعد الصيام لمدة 7ر3 يوم فقط. حتى أن المشاركين في الدراسة، والذين تناولوا مسكنات وقائية للآلام، تعرضوا لعدد أكبر من نوبات الصداع النصفي بشكل أكثر من المعتاد. ولكن حتى مع الأشخاص الذين لا يعانون من مرض الصداع النصفي المزمن يمكن أن تظهر هذه الآلام بشكل متزايد خلال شهر رمضان. وأوضح الدكتور بيني باناكال، مدير مجموعة الخدمات الطبية واستشاري أمراض القلب في مستشفى بدر السماء بسلطنة عُمان، قائلاً :"هناك نوعان من الصداع، يمكن أن يرجع سببهما إلى الصيام، وهما الصداع النصفي والصداع التوتري". وتظهر آلام الصداع في هذين النوعين بسبب انخفاض مستوى الغلوكوز في الدم، كما يمكن أن يؤدي التعب والإرهاق وقلة النوم إلى ظهور آلام الصداع أيضاً.   وغالباً ما يكون الأشخاص، الذين يتناولون القهوة أو يدخنون السجائر، أكثر عرضة لظهور آلام الصداع. وتُعزي ريم السعدي، نائبة مدير قسم التغذية العلاجية بمؤسسة حمد الطبية في الدوحة، السبب في ذلك إلى أن الجسم لا يحصل أثناء النهار على الكمية المعتادة من الكافيين والنيكوتين. كما أن النظام الغذائي غير المتوازن ما بين الإفطار والسحور والجفاف يمكن أن يعززا من ظهور هذه الآلام. ولذلك فإن الحصول على قسط كافٍ من النوم والحرص على اتباع نظام غذائي متوازن مع تناول كمية كافية من السوائل تعتبر من العوامل المهمة لتجنب آلام الصداع. ومن الأمور المهمة أيضاً في النظام الغذائي أن يشتمل على مواد غذائية ذات مؤشر منخفض لنسبة السكر في الدم. وتحتوي مثل هذه الأطعمة على ما يُعرف باسم الكربوهيدرات البطيئة، ويقول الدكتور بيني باناكال :"يتم هضم وامتصاص هذه المواد الغذائية ببطء، وهو الأمر الذي يُحافظ على ثبات مستوى السكر في الدم لفترة أطول". وينطبق هذا القول على معظم أصناف الفاكهة والأطعمة التي تحتوي على الألياف الغذائية مثل الحبوب، وعلى العكس من ذلك تعمل الحلويات والأطعمة المُحلاة بشدة على ارتفاع نسبة السكر في الدم بسرعة وبشكل مفاجئ ثم انخفاضه مرة أخرى، وبالتالي فهى غير مناسبة خلال شهر الصيام. وبالإضافة إلى ذلك هناك بعض الطرق البسيطة التي تساعد على تجنب آلام الصداع؛ حيث تقول خبيرة التغذية ريم السعدي :"ينبغي على المرء مثلاً عدم التعرض لأشعة الشمس المباشرة، مع ضرورة ارتداء قبعة ونظارة شمسية عند الخروج في الهواء الطلق"، لأن الإبهار، الذي تسببه الشمس، يمكن أن يعزز من آلام الصداع. وينطبق نفس الأمر على العضلات المشدودة والمتوترة، والتي يمكن أن تنعم بالاسترخاء بصورة أفضل من خلال تدليكها لفترة قصيرة.   وأوضح استشاري أمراض القلب أنه ينبغي على المرء التوجه إلى طبيب إذا لم تختف آلام الصداع بالرغم من اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة. وحتى مع الأشخاص، الذين يعانون من آلام صداع مزمنة، فإن الدكتور بيني باناكال ينصح بضرورة استشارة أحد الأطباء قبل بداية شهر الصيام، لأنه يمكن أن يصف للمريض بعض الأدوية يتم تناولها أثناء الليل، والتي تعمل على التخفيف من الآلام. وأضافت خبيرة التغذية ريم السعدي أن هذه الأدوية، مثل الباراسيتامول، يتم استخدامها كمسكنات وقائية أيضاً. اقرأي أيضا: أفضل وقت لممارسة العلاقة الحميمة في رمضان أفضل عجينة للصفيحة الشامية كل شيء أزرق في شفشاون