حين تتجاوز المرأة الثلاثين يبدأ الناس من حولها بالنق والأسئلة المزعجة: لماذا لم تتزوجي بعد؟ أو ربما يلمحون بطريقة أو بأخرى لسوء حظها لأنها لم تجد شريك العمر إلى الآن. بل وأحيانا يبدؤون في تقديم الاقتراحات وربما يتوقعون الأسباب ويبحثون عن الحلول. المصورة الأميركية سوزان هينتز إحدى اللواتي سئمن من سماع هذه الاسطوانة، فقررت أن ترد بطريقة غريبة وساخرة بل تهكمية وقاسية على الآخرين، لقد نزلت إلى السوق واشترت عريسا ومعه ابنة! ابتاعت هينتز (42 عاما) دميتين واحدة لرجل وأخرى لطفلة. وبرفقة الدميتين قامت بتصوير ألبوم كامل من الصور العائلية. بدأ الألبوم من تقدم الدمية/الرجل لخطبتها في نزهة، ثم صور للزفاف وصور رحلات إحداها في باريس، وأخرى لزيارتها وهي مصابة في المستشفى. وأطلقت هينتز على مشروعها اسم "البيت اللعبة " The Playing House Project. لقد فبركت هينتز حياة كاملة بهذا الألبوم واستدعت فيه كل الصور النمطية للمرأة في العائلة. وتبين في مقابلة معها، الرابط أسفل المقال، إننا في القرن الواحد والعشرين ومازال الجميع يتوقع من المرأة أن تعيش الحياة نفسها التي كانت تعيشها في السبعينات. هناك توقع اجتماعي يقول إن المرأة في عمرها لا بد أن ترتدي "الدبلة" في يدها اليسار، وإن لم يكن هذا الأمر قد تحقق لها فلا بد من وجود خلل ما فيها. فإن أنت لم تكوني عند توقعات المجتمع منك فالأمر ليس طبيعيا. ورغم نجاح سوزان كفنانة ومخرجة فنية فهي تملك شركتها الخاصة وموقعها الخاص، لم يتردد بعضهم في سؤالها "لكنك حلوة لماذا لم تتزوجي؟" وتضيف في إحدى تصريحاتها عن صورها: ربما لم يجروء أحد على قول الكلمة في وجهي "عانس" لكنهم بالتأكيد قالوها من خلفي كثيرا. حتى أمي أحيانا تنتقدني بقولها " لا يوجد أحد كامل عليك أن تختاري أحد ما إذا كنت تريدين الاستقرار". وكنت أرد عليها "أماه الأمر ليس كأنني سأنزل السوق واشتري عائلة"! وهنا لمعت الفكرة في رأسها، نعم سأنزل السوق واشتري عائلة. تربت هينتز في نيويورك، وتلقت تعليما محافظا قدم لها الصورة المثالية للعائلة والدور المطلوب من المرأة في هذه الحياة بطريقة محددة فقط بدورها كأم. وعلى أهمية هذا الدور يظل السؤال قائما: ولكن ماذا لو لم يتحقق؟ الناس يعتقدون أن الحياة الناجحة للمرأة هي في الزواج، وغير ذلك هي مجرد نجاحات جانبية تتلهى بها إلى أن يأتي "ابن الحلال" ويخطفها على أي شيء ما (حصان او سيارة أو غيره) إلى عش الزوجية. ها نحن كنا نتحدث عن امرأة أميركية مستقلة وتعيش في منزل وحدها في نيويورك وتعاني من هذه الصورة النمطية، فكيف لو فكرنا بالمرأة العربية، ولسوء الحظ فإن المرأة التي تتأخر في الزواج هنا فإن معاناتها الاجتماعية والخاصة أيضا لا تقاس بتلك التي تعيش في أميركا أو أوروبا أو غيرها. إنها امرأة بلا حياة خاصة تقريبا، وأي نجاح تحققه في العلم والعمل يظل ينظر إليه بوصفه تسلية تقوم بها لأنها لم تتزوج. ينسى هذا المجتمع أن التأخر في الزواج أو حتى العزوف عنه هي مسؤوليته أولا. ينسى أنه يفرض تقاليد وعادات متعنتة ماديا واجتماعيا وثقافيا تجعل أي شاب يفكر مئة مرة قبل أن يقدم على التقدم للفتاة. ينسى هذا المجتمع أن ظاهرة التأخر في الزواج ليست مسؤولية المرأة، وأن الأسباب التي تقف خلفها أكبر من أي فرد. البطالة، الحالة الاقتصادية، العادات والتقاليد، السلطة المحكمة على حياة الفرد الخاصة، التحكم بقرار الفتاة في الارتباط، إنها قائمة من الأسباب التي لا يمكن لفرد وحده أن يقف في وجهها، أو يحلها ليحقق فرصة نجاحه في تأسيس عائلة. وبالعودة إلى الأميركية هينتز فلقد اختارت طريقة للسخرية من المجتمع، ولتقول نعم يمكننا كلنا أن نؤدي أدوارنا كألعاب، أو ربما لتقول يمكننا نحن النساء أن ننزل إلى السوق ونشتري عائلة لتكفوا عن إلقاء اللوم علينا. كثيرات يحببن أن يكن زوجات وأمهات..ويحلمن بالأمر ولكن ماذا لو لأي سبب كان لم يحدث ذلك؟ وأنت عزيزتي كيف تردين على هذا السؤال سوى بالتهكم؟ شاهدي سوزان تتحدث على الرابط التالي: اقرأي أيضا: زها حديد..كيف صارت أسطورة العمارة في العالم عارضة أزياء مصابة بالبهاق: لا لاحتكار الجمال فريق كرة قدم اللاجئات السوريات ينطلق في الزعتري  شيلاء سبت..حسناء خليجية في مسابقة ملكة جمال العالم