يعد تاريخ خروج المرأة للعمل أقصر بكثير من الرجل، لكن هذا لا يعني أن المراة توقفت يوما ما عن العمل. فالمرأة كانت تعمل في الحقل مع عائلتها وفي البيت وفي الرعي وهي كذلك المسؤولة الأولى عن العائلة. ومنذ أن تزايد إقبال النساء على العمل تحسنت الشروط الاقتصادية للأسرة والحياة الاجتماعية أيضا، ولكن يبدو أن شعور المرآة العميق بأن العمل يأخذ من وقت العائلة لن يفارقها، رغم أن عملها يعيل العائلة ويفيد في رفعها اقتصاديا واجتماعيا. ومن أكثر الهموم ثقلا على النساء الشعور بالذنب المستمر والتقصير الخفي (من دون سبب) والسعي المنهك لتحقيق التوازن بين العائلة والعمل. والنجاح كأم والنجاح كموظفة. بينما لا نجد الرجل قلقا بشكل كبير بخصوص التوازن، إن أولوياته التي لا يلومه المجتمع عليها هي العمل، بينما لا ينطبق الأمر نفسه على المرأة. وتسعى الامهات بجهد كبير لتحقيق التوازن المنشود بين العمل والحياة الأسرية، غير أن تحقيق هذا المسعى يظل في أغلب الأحوال حلماً صعب المنال. ويؤكد علماء الاجتماع إن تحقيق هذا الهدف يبدو ممكناً من الناحية النظرية، ولكن في الواقع يتعذر على غالبية الأمهات تحقيقه. وبالإضافة إلى ذلك يضع هذا السعي الكثير من الأمهات تحت ضغط وعبء نفسي، حيث يحاولن الوفاء بالمسؤوليات الجسيمة المنوطة بهم في الحياة الأسرية، وأن يظفرن في الوقت نفسه بالتقدير في العمل. وبسبب السعي لتحقيق هذا التوازن غالباً ما تتحول مهمة الأمهات في الحياة الأسرية إلى مهمة إدارة وتخطيط. وحتى عندما تؤدي غالبية الأمهات هذه المهمة بنجاح، فإنه يتعذر عليهم تحقيق العنصر الأهم في الحياة الأسرية ألا وهو السعادة المشتركة.