من التقاليد العريقة في الصين، والتي لم تعد تمارس بالطبع، تقليد ثني القدمين أو مايعرف باسم "أقدام اللوتس". وتحرص هذه العادة على إبقاء أقدام المرأة صغيرة مثلما هو مقاسها وهي طفلة. وتعود ممارسة هذه العادة إلى ما كانت راقصات البلاط تقمن به في العصر الإمبراطوري في القرنين العاشر والحادي عشر، وانتشرت كتقليد وظلت تتبع حنى بدايات القرن العشرين. ويمكن الآن أن تلتقي بسيدات صينيات من المسنات وقد اتبعن هذا التقليد في طفولتهن وشبابهن. ولم تكن المرأة الفقيرة تتبع مثل هذا التقليد، فقد كان يختص بنساء الطبقة الارستقراطية، فالمرأة الفقيرة امرأة عاملة وتحتاج للحركة بيسر وبساطة، خاصة الفلاحات وعاملات المصانع والمعامل والحقول والخدمة، ولم تكن هذه العادة مفيدة بالنسبة لهن. ويسبب هذا التقليد تشوها في القدم، إذ يقوم على وضع قدم الطفلة بعمر سنتين أو قبل أن تتجاوز الخامسة في قالب صغير لأن عظم القدم يكون مازال طريا ويمكن التحكم باتجاه نموه وكسره بسهولة. وفي البداية تنقع قدمي الصغيرة في مزيج دافئ من الأعشاب الممزوجة بدم حيوان. ثم يتم قص الأظافر إلى أبعد حد ممكن. وبعد تحضير ضمادات من القطن منقوعة بمزيج الأعشاب والدم، تثنى القدمان إلى أبعد حد ويتم ضغطهما حتى تنكسر الأصابع. ثم تربط الأصابع المكسورة وتطوى تحت باطن القدم وتربط بإحكام. يتم فك الرباط كل أسبوع لغسل القدمين والتأكد من سلامتهما من الجروح. وكذلك لقص الأظافر. وعند فك الرباط عن القدمين يتم تدليكهما وضربهما أيضا لكي تبقيا لينتين. وتوضعان كذلك في ماء ساخن للتخلص من أي جلد قاس. وبعد انتهاء العناية بالقدمين يعاد ربطهما بقوة أكبر وثني الأصابع تحت باطن القدم مرة أخرى. كانت هذه العملية المؤلمة تتكرر أسبوعيا لمدة أربعة أعوام، لذلك كانت تمنع الأم من القيام بها لأنها لن تحتمل رؤية طفلتها وهي تتألم كل مرة إلى هذا الحد. وعادة ما تكون الجدة او امرأة كبيرة من العائلة هي المختصة بثني القدم وهي من تشرف على هذه العملية المعقدة التي تتطلب الكثير من المهارة وقوة القلب. ويتم ثني القدمين في فصل الشتاء فقط، لأن الأقدام تكون أقل تأثرا بالألم بسبب البرد. وفي الحقيقة إن هذه العملية تقطع الدم تماما عن الأصابع، وكثيرا ما كانت النتيجة موت الأصابع وسقوطها، أو سقوط جزء منها أو تعفن الجلد والتهاب القدم. وبعد أربعة سنوات تبدأ أقدام الفتاة بالتعافي، خاصة العظام. ولكنها تصبح سهلة الكسر دائما، خاصة في المراهقة. أما النساء الكبيرات في العمر فعادة مايسقطن عاجزات عن حفظ التوزان فيصبن بكسور متفرقة في الحوض والظهر. وفي بداية القرن العشرين بدأ الناشطون اجتماعيا ودعاة التغيير بمحاربة هذه العادة والدعوة للتخلص منها، وقد نجحوا في ذلك في العشرينات من القرن الماضي، حيث بدأت تتراجع هذه الممارسة. لذلك ليس غريبا أن نشاهد اليوم العجائز مازلن يرتدين الأحذية المخصصة لهن بسبب التشوه الذي حصل في القدم. ربما تكون هذه العادة، تعبيرا عن الرغبة بالسيطرة الاجتماعية على المرأة بتحديد قدرتها على الحركة والتنقل. فمنع نمو القدمين هو منع الحركة وبالتالي تحديد الحرية والمساحة التي يمكن لهذه المرأة التنقل فيها براحة. صحيح أن العادة اندثرت الآن لكنها مازالت حية في ذاكرة الصينيات. من المفارقة أن تقرأي الموضوع الآخر الذي تنشره "أنا زهرة" اليوم في قسم السياحة، فقد أصبحت عملية تجميل القدمين المعروفة بعملية "سندريلا" واحدة من أكثر العمليات انتشارا بين النساء الآن. وتطلب النساء لتصغير أقدمهن طلبات عنيفة مثل بتر الأصابع وقص العظم ..اقرأي الموضوع وقارني بين ما تفعله العادات بالمرأة وبين ما تفعله المرأة بنفسها... اقرأي المزيد من عادات الشعوب: عادات الشعوب: البولّيرا فستان الجميلات في بنما عادات الشعوب: لماذا يرتدين تنانير كبيرة جدا؟ من عادات الشعوب: مكياج عروس يمنع الحضور من النميمة من عادات الشعوب: صحن الشفة لزيادة جمال المرأة