تعتبر بلقيس اليوم من أكثر الفنانات الشابات شعبيةً على وسائل التواصل الاجتماعي. اقتحمت هذا العالم الذي كان حكراً على مَن سبقها إلى الفن بعشرات السنين. تعاملت بعفوية تامة مع معجبيها، وأصبحت تشاركهم يومياتها، وترد على منتقديها بكل شفافية حتى أنّها كانت تعتذر عندما تتعرّض لانتقاد بناء. والشعب البلقيسي الذي لم يرضَ بكلمة «فانز»، أصبح رقماً صعباً في حياتها، فهو الداعم الأول لها، حتى أنّه أطلق «هاشتاغ» باسم #متبلقس_لاتكلمني وهو مشابه لهاشتاغ «النصر» الذي أثار ضجة في السعودية وهو #متصدر_لا تكلمني. قبل أيام، أطلقت بلقيس حملة #دقو_خبيتي. إنّها عبارة عن مسابقة في رقص «الخبيتي»، حيث ينبغي لكل مشارك أن يسجّل رقصته ويرسلها على مجموعة بلقيس على انستغرام. أما المقطع الذي يحصل على أكبر عدد من اللايكات، فيفوز بجائزة عبارة عن جهاز خليوي. أشد المتفائلين لم يتوقع أن يتفاعل الناس مع هذه الحملة التي أدت إلى انهمار آلاف الفيديوهات على الهاشتاغ أو على مجموعة بلقيس على الانستغرام. هناك مشاهير شاركوا في الحملة. لكن بسبب حبّ بلقيس لمعجبيها، استبعدت فيديوهات المشاهير وصرّحت أنّ المسابقة تقتصر على «الفانز» فقط، وأنّ الفيديوهات ستكون في كليبها الخاص، لكنّها تنتظر موافقة أصحاب الفيديوهات. وبهذا تعتبر بلقيس الفنانة الأولى التي يشاركها جمهورها في فيديو كليب. أعلم أنّ شعبية بلقيس كبيرة في الخليج، لكننّي قرأتُ هذه الحملة من زاوية أخرى. صحيح أنّ السبب الرئيس لنجاح هذه الحملة أنّ بلقيس أطلقتها، وشارك فيها الناس بدافع حبّهم لهذه الفنانة، لكن أيضاً لأنّ هناك تعطّشاً كبيراً للفن في السعودية. في السابق، كنا نخشى انتشار صورة خاصة، فما بالك أن ينشر فيديو وأنت ترقص «الخبيتي»؟ الشعب السعودي محبّ للموسيقى ومتعطش للفن، لكن كانت هناك قيود اجتماعية تجعله يخجل بأن يصرّح بأنّه عاشق للفن. كانت الأندية الرياضية في أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات تحوي أنشطة تدرّس الموسيقى، وكان الناس يحثّون أولادهم على الالتحاق لها. أيضاً، لم يكن التلفزيون الرسمي السعودي يجد حرجاً في عرض جلسات غنائية واستضافة فنانين. جاء ذلك قبل «الصحوة» التي رسّخت الحواجز الدينية والاجتماعية والقبلية، وأصبح الفنان منبوذاً في المجتمع. نلاحظ اليوم أنّ هناك كثيرين ينتقدون الفنانين، لكن لو وجدوا معهم مصادفةً، لما تردّدوا في التقاط صورة تذكارية مع النجم. باختصار، القلب متعلق بالفن ولكن العقل يرفضه لكثرة الحشو الاجتماعي لكن بعد حملة #دقو_خبيتي ومشاهدتي هذا الكم الهائل من الفيديوهات، فأنا متفائل بأنّ هذه الحواجز إلى زوال. الفن رسالة سامية، وهو اللغة الوحيدة التي تفهمها الشعوب كلّها على اختلاف