من إخراج المصري محمد خان وبطولة سلوى خطاب وياسمين وهاني عادل ومحمد علي، يقدم فيلم "فتاة المصنع" قصة الشابة "هيام" التي تعمل في المصنع وتعيش في إحدى عشوائيات القاهرة، وهيام في الواحد والعشرين تعمل كغيرها من بنات حيها الفقير في مصنع ملابس، تتفتح روحها ومشاعرها بانجذابها لتجربة حب تعيشها كرحلة ومغامرة بدون أن تدري أنها تقف وحيدة أمام مجتمع يخاف من الحب ويخبئ رأسه في رمال تقاليده البالية والقاسية. ولكن، هيام، شخصية فيها الكثير من القوة والعنفوان، الذي يولد من رحم هذا الإنكسار. تنتشل الصبية جسدها، لتبدأ صباحا جديداً كل يوم يحمل بعضاً من أمل في حياة رتيبة تبدأ في الطريق من المنزل إلى مصنع الملابس، وبينهما تمر بالفرن في الحي الفقير، لتشتري أرغفة الخبز إلى جدتها، والدة أبيها المتوفي، والتي تملأها عبارات القسوة ولا تشبه حنان الجدة بشيء. في المعمل فتيات مثلها، فقيرات وغير متعلمات، يحلمن بفارس يأتيهن على حصان أبيض.لا أفق أمام تلك الفتيات، غير تأمين مردود مالي يساعدهن على دعم عائلتهن، وربما الحلم بشراء بعض الثياب الداخلية المثيرة ذات اللون الأحمر، والبنفسجي. هيام بالتأكيد فتاة تحب الحياة، برغم قساوتها، وظلمها. تفرح لأمور بسيطة مثل الإحساس بتساقط زخات المطر على كف يديها وهي تنشر الغسيل مع والدتها من على شرفة بيتهما المتواضع. تبدو هيام مثال المرأة الشغوفة والمتمردة في الوقت ذاته، لا تنتظر خطوات الحبيب، تبادر هي بأن تجعله يقع بغرامها، بخطوات بريئة مثل أن تأتي له بقالب من الجبنة البيضاء البلدية من حيها الفقير، متوقعة أن يسحره مذاقها، يرافقها صوت سعاد حسني "الدنيا ربيع والجو بديع". تظن لوهلة أن "صلاح"، الحبيب بصيص الأمل نحو مستقبل وحياة أفضل رغم الفوراق الإجتماعية بينهما، ولكن صلاح الذي يعمل مشرفاً على الفتيات في المصنع لا يتأثر بهيام التي وقعت بغرامه، منذ اللحظة الأولى. تواجه بالإختلاف الطبقي بينهما ومجتمع يخاف من الحب. لا مكان للحب في هكذا مجتمعات، حيث يسيطر مارد التقاليد البالية والقاسية والكبت والعنف الإجتماعي. هنا يعلو صوت سعاد حسني من جديد "يا..يا..يا واد يا تقيل" لتشارك هيام في حالتها النفسية المتأرجحة بين نشوة الحب الجديد والحزن من فقدانه. تمنحه قبلتها الأولى، تود أن تصرخ له عالياً أنها تحبه، ولكن مشرفة المصنع تكتشف اختبار حمل ملقى وسط فضلات القماش، ترميه إحدى الفتيات، لتوقع هيام فريسة الشائعات. تقرر البطلة عدم الدفاع عن نفسها، ليس لأنها ضعيفة، بل لأنها لم تقم بأي خطأ. يعاملها كل من حولها بوحشية، حتى الجدة، التي تدعي المرض، لتجبرها على زيارتها في المنزل، فما أن تدخل إليه، تشدها مجموعة من النساء ويلقينها أرضاً، حيث تتثبت قدم الجدة فوق خدها الأيسر، منعها من الحركة، خلال عملية جز خصلات شعرها الطويل الأسود اللامع، وكأنها إشارة إلى أن الفتاة أصبحت رمزاً للفضيحة والعار. تعود هيام إلى منزل والدتها بشعرها القصير، ولكن أمها تقرر أن لا تلعب دور الجلاد هذه المرة، ستدافع عن ابنتها حتى لو اقتضى الأمر القتل هذه المرة. تحمل سكينا وتجرح يد زوجها دفاعاً عن ابنتها. تحاول هيام الإنتحار من شرفة المنزل، تتهاوى وتتكسر أعضاء من جسدها. الموت وحده، كان قارب النجاة لينتشلها بعيداً عن حياة يملؤها الذل، سترفض الزواج بصلاح ـ الحبيب الذى طالما تمنته فى خيالها، عندما تراه يسير مرغماً عنه يرافقه رجال العائلة إلى الحي الفقير، للزواج بها درءاً للفضيحة. بعد الحادثة، ودخولها المستشفى، يكتشف الجميع أنها ما زالت عذراء، أي "بختم ربها" بحسب التعبير الشعبى الدارج. تعود هيام إلى حارتها، الحاضرة بقوة بتفاصيل شكل بيوتها، والتى تعكس ضيق هذا العالم، ورحابته أحيانا مع اتساع الأحلام في عشوائيات مصر. في حفل زفاف صلاح من فتاة غيرها، ستذهب هيام إلى الحفل، مرتدية فستانا طويلا ضيقاً يعكس ليونة جسدها، وجماله، شعرها ما زال قصيرا، لكنها لا تأبه، تسرحه بأنوثة إلى الوراء، وتضع قليلاً من أحمر الشفاه، احتفاء بتحررها. ترقص هيام رقصة النصر على أنغام أغنية "أم كلثوم". ترقص طويلا، كأميرة تنفرد بالمشهد بينما تنظر إليها العيون بإعجاب.