تتمتع شبة جزيرة ليكيا التركية بمناظر طبيعة ساحرة وتزخر بالآثار وتغلفها الأساطير والخرافات، حيث يتمكن السياح في شبة الجزيرة من الاستمتاع بالطبيعة البكر التي لم تعبث بها يد الإنسان وأطلال المدن الغارقة والاسترخاء على أجمل الشواطئ الرملية الناعمة في تركيا، بالإضافة إلى الاستمتاع بقصص الوحوش التي تنبعث من أنفاسها نيران مستمرة. وعلى بُعد أمتار قليلة من شاطئ جريزة كيكوفا، التي تعتبر من الجزر الصغيرة التي تقع على بعد بضع مئات من الأمتار قبالة الساحل الجنوبي لتركيا. هناك أطلال للمدينة الغارقة تبدو تحت المياه الصافية، مثلاً يظهر تحت الماء بقايا جدران وأعمدة. وترجع هذا الأطلال إلى آلاف السنين وتعتبر جزءاً من مدينة دوليكيسته القديمة، والتي تعرضت للغرق مع أجزاء من الجزيرة بسبب أحد الزلازل القديمة. وتختلط رائحة أوراق الزعتر والغار تختلط مع هواء البحر المالح. ويمكن رؤية بقايا المباني، حتى أن الميناء القديم كان يمكن رؤيته بوضوح على عمق مترين تحت الماء. وبعض التوابيت التي تبرز من الماء، والتي توجد على مقربة من ساحل البر الرئيسي لبلدة كاليكوي، التي تعتبر من القرى الساحلية الصغيرة، والتي لا يمكن الوصول إليها إلا عن طريق القارب أو سيراً على الأقدام، وتقع مدينة سيمينا القديمة أعلى هذه القرية، ويمكن للسياح الاستمتاع بإطلالة رائعة على حصونها مع غروب الشمس على هذا المكان البديع. وفي هذا المشهد البديع تخرج السلاحف البحرية رؤوسها من المياه كل فترة، كأنها تريد أن تتعرف على الغرباء الذين يقومون بإعداد المبيت في خليجها. هذه السلاحف كبيرة الرأس موجودة هنا منذ 100 مليون سنة وتخضع للحماية. وإلى جانب الساحل الصخري لشبه الجزيرة البديعة، تظهر هناك أعداد لا تعد ولا تحصى من أطلال المدن القديمة التي تعود إلى العصور اليونانية والرومانية بالإضافة إلى السلاحف البحرية المحمية، التي حالت دون ظهور شواطئ أو قرى أو خلجان ذات فنادق كبيرة. ويتجلى ذلك بوضوح في بلدة سيرالي الصغيرة، فبدلاً من بناء مجمعات الفنادق الكبيرة كما هو الحال في مدينة كيمر القريبة، توجد بعض أماكن الإقامة الصغيرة على الشاطئ والتي تحيط بها بساتين البرتقال والليمون. حقول النار ويأتي أغلب السياح إلى هذا المكان البديع للاسترخاء والتخلص من عناء الحياة اليومية المتسارعة، ويشعر المرء أن الوقت يتوقف في هذا المكان، وأثناء الليل يتجول كثيرٌ من السياح وهم يحملون المشاعل على المسار الصخري المنحدر، الذي يرتفع إلى 250 متراً، وصولاً إلى حقول النار الشهيرة في كيمايرا. وهذه الحقول عبارة ثقوب صغيرة في الأرض تنبعث منها النار باستمرار. ومن المعروف حالياً أن هذه الثقوب الصغيرة يتم إشعالها بواسطة الغاز الطبيعي، ولكن في العصور القديمة كان ينظر إلى هذه الحقول باعتبارها وحش يعيش في أعماق جبل أوليمبوس وتصدر عن أنفاسه نار هائلة. كما يستمتع السياح في هذا المكان المرتفع بإطلالة رائعة على مياه البحر المتوسط في أجواء رومانسية حالمة. وخلال النهار يتسلق العديد من السياح إلى قمة "كهف الوحوش" التي ترتفع لحوالي 2300 متراً في جبل أوليمبوس، في حين يقوم البعض الأخر بركوب الجندول السريع، للاستمتاع بإطلالة بانورامية رائعة من القمة. ويُطلق اسم أوليمبوس أيضاً على المدينة القديمة المدمرة، التي كانت في طي النسيان لفترة طويلة من الزمن، والتي يعود تاريخها إلى القرن الثاني بعد الميلاد، وينتشر بها الأشجار الكبيرة والنباتات المتسلقة بشكل مذهل على ضفاف النهر الصغير الذي يقع وراء شاطئ سيرالي. ونظراً لوجود العديد من الأطلال الأثرية القديمة بالإضافة إلى قيام السلاحف بوضع بيضها على الشاطئ خلال فصل الصيف، فإن هذا الساحل البديع، الذي يمتد بطول 14 كيلومتراً تقريباً، يفتقر إلى وجود سلاسل الفنادق الفاخرة أو المطاعم الراقية، ولكن يمكن للسياح الاستمتاع بمجموعة من أماكن الإقامة الصغيرة، والمطاعم الأنيقة التي توفر أجواءً رومانسية حالمة في أحضان هذه الطبيعة الساحرة. أطلال باتارا وخلف هذا الشاطئ البديع، الذي لم تعبث به يد الإنسان على الإطلاق ويعتبر من أجمل شواطئ تركيا، مباشرة توجد كثبان رملية هائلة تخفي بين جنباتها أطلال مدينة باتارا القديمة. وهناك الكثير من الأطلال التي تشهد على أهمية هذه المدينة القديمة مثل مسرح روماني ضخم وحمّام روماني ومخازن للملح وقوس النصر بالإضافة إلى ممرات الأعمدة وبقايا مبني البرلمان الذي أعيد إنشاؤه مؤخراً. وإذا رغب السياح في التوجه إلى الشاطئ فيتعين عليهم المرور بجميع هذه الآثار العتيقة الرائعة. ويذكر التاريخ أن شبه الجزيرة وقعت تحت سيطرة الأسكندر الأكبر خلال الحقبة اليونانية، ودخلت ضمن مناطق نفوذ الأباطرة الرومان كلوديوس وهادريان، ولذلك لا تزال هذه المنطقة تزخر بالأطلال القديمة الرائعة مثل تيرميسوس وفاسيليس وأوليمبوس وزانثوس وليتون. وعلى ارتفاع 1000 متر تقريباً تقع المحمية الطبيعية لمدينة الأموات تيرميسوس الأسطورية وسط منطقة غولوك داغي. ولا يوجد مكان يتيح للسياح الاستمتاع بإطلالة بانورامية رائعة على جبال وسواحل أنطاليا مثل المسرح الروماني تيرميسوس. ومن الأمور التي تثير إعجاب السياح أيضاً مشاهدة حوالي 1000 من التوابيت القديمة المنتشرة على السفوح والمنحدرات. وتجدر الإشارة إلى أن الأسكندر الأكبر قام بمحاصرة مدينة تيرميسوس لعدة أيام دون جدوى، ولم يعرف على وجه اليقين ما هي الأسباب التي دفعت الاسكندر الأكبر للتخلي عن حصار المدينة.