القراء الأعزاء ، نسمع عن العنف الأسري ونقرأ عن صور كثيرة للعنف بين الزوجين منها الضرب ومنها السب ومنها العنف الجنسي والعنف اللفظي، لكن العنف الذي أحدثكم عمه اليوم هو عنف ليس بجديد لكنه أشد هذه الأنواع وأقساها على نفسية المرأة. خاصة لو كان ذلك العنف يمارسه الزوج ضدها أمام أبنائها أو خادمتها: إنه "الطرد". نعم أشد أنزع العنف الأسري حسب ما اطلعنا عليه يوميا بالمحاكم هو طرد الزوجات في الشوارع ووضع ملابسها في أكياس القمامة بجوارها. طرد الزوجة في ساعات متأخرة من الليل وبدون ملابس تستر جسدها. هو عنف وتعنف كبير جدا في أثره النفسي على الزوجة ، فبالأمس دخلت علينا زوجة باكية بمجرد أن ألقت السلام وظلت تحاول لملمة دموعها التي تنهمر كأنها المطر الغزير في ليلة شتاء قارس. سألتها : مابك يا سيدتي ؟ قالت بصوت ينتحب أمس طردني وكان الجو ممطرا ونمت على عتبة البيت لأني ليس لي أهل هنا ولا أستطيع طرق باب صديقة أو جارة في مثل تلك الساعة حيث أنه طردني الساعة 3 فجرا . قلت لها : وما هي المشكلة والخلاف بينكما ؟ قالت : لمجرد أنني طلبت منه أن يعطيني راتبي هذا الشهر فقط بدلا من المصروف البسيط الذي يقتطعه لي كل شهر لأني احتجت أشترك بالنادي للتخسيس لأنه بدأ منذ فترة يعايرني بوزني الزائد. وأنا عودته على تسليمه راتبي كل شهر منذ 6 سنوات لكني ولأول مرة أطلب ذلك فما كان منه إلا أن ضربني بالكف على وجهي. فلما هممت أن أتصل بأحد أخذ الموبايل مني والفلوس وحتى بطاقتي وبسبوري وقال لي : اطلعي بره أنت مش وش نعمه. وفتح الباب وألقاني خارج البيت ثم بعد 10 دقائق رمي لي ملابسي بكيس القمامة الأسود وقال لي : خلي الشارع يلمك. وطفلينا وراءه يصرخون على أمهم المطرودة وظللت أستنجد به ألا يخرجني من البيت لأن الوقت متأخر. وكانت مشكلتي أننا نعيش بمنطقة عمال فكنت في رعب شديد لا مال ولا تليفون وكيس الملابس ثقيل بيدي ولو مشيت بعيدا لا أعرف ماذا ينتظرني بالطريق فطرقت الباب مرات ومرات لكنه تركني وكأني حيوان أجرب رماه وتخلص منه. وظللت نائمة بعتبة البيت للصبح وابتلت ملابسي وأصبت ببرد شديد لكني استطعت أخذ تاكسي دفعت ثمنه إحدي صديقاتي وحملتني إليكم لأجد حلا فأنا اليوم لاأريد منه إلا الطلاق فلا أمان مع هذا الزوج الذي يهددني بالطرد كثيرا وطردني قبلها مرتين . الجواب : اتصلنا على زوجها فلم يرد فنصحنا الزوجة بالبقاء بضعة أيام عند صديقتها. ولما حضر الزوج بدت عليه الغلظة وعدم التفاهم وكانت حجته لطردها أنها تريد تكون الرجل عليه. فقلت له : وهل ممارسة الرجولة وتحققها لا يكون إلا بالطرد. بئس الرجولة أن تطرد أم أولادك بمنطقة خالية لتكون عرضة لذئاب البشر هل هذه هي الرجولة؟ هل غطت عينيك في النوم وهي نائمة على عتبة البيت تحت المطر وأنت تحت الغطاء ؟ ماذا فعلت لتكون معها بهذا العنف ؟ لمجرد أنها تطلب راتبها لمرة واحدة ؟ هل هذه جريمة ؟ هل نسيت صبرها ومساعدتها لك طوال تلك السنين ؟ يا أخي إن الله لا يطرد من كفر به من أرضه ولا من تحت سمائه. وانت تطردها أمام أعين أولادها ولم يهتز قلبك لبكائهم. أيها الزوج الظلم ظلمات يوم القيامة وحذار من ظلم امرأتك ولو تكرر هذا الأمر ستكون مسؤليتك كبيرة شرعا وقانونا. سنحاول معها لتسامحك ولا ترفع ضدك دعوى طلاق للضرر والطرد من سكن الزوجية بعد أن تتعهد هنا بعدم الطرد أو التعنيف لزوجتك وهذا من باب إعطاء الفرص لتتوب وتلتزم بحقها عليك وراتبها لا حق لك فيه اللهم ما تسمح هي به من مساعدة لك بالبيت . ويبدو أن الزوج أحس بجدية الأمر وأن هناك قوة فوق قوته هي الشرع والقانون. وتعهد ألا يضرها أو يطردها مرة أخرى وأن يحسن معاملتها بل ويستسمح منها أمام أولاده وأن يعوضها ويخرجها من تلك الأزمة النفسية . فاستجاب الزوج وتم الصلح بينهما. فالله الله في النساء يا معاشر الرجال فإنهن لا يكرمهن إلا كريم ولا يهينهن إلا لئيم.