تشتهر جبال هوانغشان بأنها أجمل المناطق الجبلية في الصين، ويقصدها السياح والأدباء والرسامون والمصورون، للاستمتاع بالمناظر الطبيعية الخلابة التي تضم قمماً جبلية يكتنفها الغموض بفعل الغيوم التي تكسوها. وقد أدرجت منظمة اليونسكو هذا المنطقة ضمن قائمة التراث الطبيعي العالمي، كما شهدت المنطقة تصوير أحداث فيلم الخيال العلمي "آفاتار" الشهير.

وتمتد جبال هوانغشان على مساحة تزيد على 150 كيلومتر مربع، وتقع في جنوب مقاطعة آنهوي على بُعد ساعة بالطائرة في الاتجاه الجنوب الغربي من شنغهاي. وتضم الصين خمسة من الجبال المعروفة باسم "الجبال المقدسة"، التي تعتبر دعائم تقوم عليها السماء. ويعتبر جبل هوانغشان أحد هذه الجبال الخمسة. ونظراً لأن الغيوم والضباب تغطي هذا الجبل المقدس على مدار 200 يوم في السنة، فذاع صيته في أرجاء العالم بسبب جماله الذي يكتنفه الغموض.

وفي السابق كان الشعراء والرسامون يعتقدون أن هذه المنطقة تعتبر واحدة من أجمل المناظر الجبلية في الصين القديمة، وقد قام العالم شو إكسياكي في عهد أسرة مينغ الصينية بجولة في هذه المنطقة الجبلية ووصفها بقوله: "ليس هناك أجمل من جبل هوانغشان، وعندما يصعد المرء إلى قمته لا يرغب في مشاهدة أي جبال أخرى".

ومنذ قرون عديدة يتخذ الرسامون الصينيون من هذه المنطقة البديعة نموذجاً لإبداعاتهم الفنية؛ حيث يستوحون منها أفكاراً للوحات التصويرية ورسومات القلم الحبر. ودائماً ما يأتي رهبان الطائفة الطاوية والبوذية إلى هذا المكان للتأمل، وكي يكونوا على مقربة من السماء، حتى أن هذه المناظر الطبيعية الخلابة أغرت صناع السينما العالمية لاتخاذها كموقع لتصوير فيلم الخيال العلمي "أفاتار" الشهير، حيث ظهرت المنطقة كجبال "هاليلوغا" على كوكب باندورا.

اجتياز السحاب

وتجتذب جبال هوانغشان السياح من جميع أنحاء العالم بفضل مناظرها الطبيعية الخلابة، ويتمكن الزوار عند ركوب التليفريك من الاستمتاع بهذه الجنة الطبيعية، حيث يمر بهدوء أمام الجدران الجرانيتية وفوق الوديان العميقة ويجتاز السحاب والغيوم، ويصعب على السياح التعرف على القمم الجبلية الغارقة وسط بخار الضباب.

]وتتشبث أشجار الصنوبر القديمة على المنحدرات العالية وفي الوديان العميقة لترسم صورة زخرفية في غاية الروعة والجمال. ولا يخلو هذا المشهد البديع من بعض الطيور الجارحة، ويخيم الصمت والهدوء الرهيب على هذه المكان باستثناء صوت بعض صرير التليفريك الذي يصل إلى ارتفاع 1900 متر فوق الجبال العالية.

ويتدفق نحو 15 مليون زائر سنوياً على منطقة هوانغشان الجبلية؛ حيث يفضل الكثير منهم زيارة المنطقة في يوم واحد فقط، وهناك مجموعات أخرى من السياح تقيم لعدة ليالٍ في أحد الفنادق الكبيرة ذات المطاعم والتي تمتاز بغرف ذات شرفات واسعة. وتعتبر المنازل العادية من ضمن أماكن الإقامة المحورية بالنسبة للسياح، والتي تعتبر أيضاً بمثابة نقطة انطلاق لرحلات التجول الصغيرة والكبيرة، حيث يشق السياح طريقهم صعوداً وهبوطاً وسط الطبيعة الحالمة.

وقد تأمين معظم مسارات التجول الممهدة بواسطة سياج، ويلاحظ الزوار مدى الاهتمام بنظافة مسارات التجول والدرج، مع وجود علامات إرشادية مكتوبة باللغة الصينية والإنجليزية. وغالباً ما تتيح المدرجات فرصة رائعة للسياح للاستمتاع بمشاهد أكثر إثارة، بالإضافة إلى التقاط بعض الصور الفوتوغرافية الاستثنائية لهذه الطبيعة الساحرة.

قائمة اليونسكو

ويندرج جبل هوانغشان منذ 1990 ضمن قائمة التراث الطبيعي العالمي لمنظمة اليونسكو، وتضم المناظر الطبيعية في هذا المكان صخور جرانيت وغابات الصنوبر وبساتين الخيزران وينابيع ساخنة وشلالات. وتمثل هذه الطبيعة جنة للطيور الجارحة والقرود والسناجب. وتزهر أشجار المغنولية والأزاليات خلال فصل الربيع، وفي الشتاء تنتشر الثلوج الكثيفة على الأشجار والشجيرات والصخور.

وتتمتع مناظر شروق وغروب الشمس في المناطق الجبلية بسحر خاص، ولذلك يحرص كل السياح على الاستمتاع بهذه المناظر الحالمة، وهو ما يظهر في أروقة الفنادق في الصباح الباكر، حيث يتجمع السياح لمشاهد روعة شروق الشمس. وفي المساء يكفي مجرد الجلوس باسترخاء في شرفة فندق "باي هاي هوتيل"، للاستمتاع بمظهر وداع الشمس لهذه البقعة الجبلية الساحرة من العالم.