تخيلي أن تتحول النساء بسبب الفقر إلى مزارع للأطفال! أو ربما لست بحاجة لأن تتخيلي فقد بدأت النساء بتأجير أرحامهن في دول العالم الثالث من مدة، لكن أن يكون هناك عيادة رسمية قانونية متخصصة بذلك في الهند فهو أمر جديد.  مرده محاولة الدولة أن تشرع  أبواب رزق جديدة مع ازدياد نسبة البطالة والفقر في بلاد ذات كثافة سكانية عالية جدا. وهذه العملية ليست قانونية في كثير من البلدان مثل بريطانيا واستراليا، ولكنها أصبحت كذلك الآن في الهند، لذلك يلجأ الكثيرون من أوروبا واستراليا إلى الهند في سياحة من نوع خاص لاستئجار الأرحام. وهي عملية مكلفة جدا في أي بلاد أوروبية أخرى إذا ماقورنت الأسعار مع ما تقبل به المرأة الهندية لقاء هذه الخدمة البسيطة! لكن المؤسف أن كل ما تكسبه هذه المرأة من الحمل تسعة أشهر وتعريض جسدها ونفسيتها لهذه التجربة الصعبة هو مبلغ يعادل أربعة آلاف وسبعمئة جنية استرليني أي أقل من ثمانية آلاف دولار تقريبا. أي أن أجر كل شهر حمل أقل من ألف دولار. لكن المبلغ الذي يعتبر ضئيلا فعلا هو ثروة بالنسبة لهذه النساء اللواتي تعيش الواحدة منهن كل يوم على أقل من دولار واحد، أجل دولار واحد! بينما تتقاضى العيادة وحدها من الزوجين الذين يدفعا لهذه الخدمة17 ألف جنية استرليني أي ضعف ما تتلقاه المرأة التي قامت بكل الجهد والخطر حتى الوصول للحظة الولادة. الأموال التي تدفع لهذه النساء لها تأثير كبير على حياتهن، سارلا بانيلا امرأة أجرت رحمها وقبضت المبلغ وبنت لأبنائها بيتا صغيرا في قريتها. وقد استطاعت إجراء عملية لزوجها لاستئصال ورم صغير بلغت كلفتها 150 ألف ربية أي ألف وأربعئمة جنية استرليني، والتي لم يكن من الممكن إجراؤها لولا تأجير سارلا لرحمها. تفكر سارة بإعادة الكرة فليس لدى العائلة أي مصدر دخل ولا أي معيل حاليا. أما نيتا ماكوارا فقد أجرت رحمها مرتين لعائلتين من خارج الهند، وفي المرة الأولى حملت بتوأم وفي الثانية حملت بطفل ذكر. وفي المرة الأولى أخذ زوجها كل النقود ولم يعطها شيئا أما في المرة الثانية فقد اخذت النقود وبنت لها ولعائلتها منزلا مثلما فعلت سارلا. ردود فعل النساء تختلف، فمنهن من تبكي لدى مفارقة وليدها ومنهن من تحاول زيارته مرة او اثنتين قبل أن يغادر الهند إلى الأبد. ولكنها تعلم أنها ستواجه المتاعب القانوينة إن حاولت تغيير رأيها والاحتفاظ بالطفل، فالأمر قانوني وقد وقعت عقدا صريحا ليس من الممكن الرجوع فيه. وهكذا يذهب الطفل ليعيش في بلاد أخرى، مع أم ثانية، وتذهب الأم الهندية لحياتها بالنقود القليلة التي حصلت عليها معتقدة أنها الكثير. تبني بيتا متواضعا أو تعطي النقود لزوجها أو ربما يتسولي عليها أو يجبرها على هذا العمل الذي يعد من الأعمال القليلة التي ستظل دائما حكرا على النساء. شاركينا برأيك